للأسبوع السابع على التوالي انطلقت المظاهرات الاحتجاجية في دولة الاحتلال الرافضة لما تسميه المعارضة "الانقلاب القضائي"، الذي تقوده حكومة اليمين الفاشي برئاسة نتنياهو، ويتولى فيها مجرمون ومدانون زمام السلطة، ويسارعون الخطى لإنفاذ مسارهم القانوني "الفاسد".
مع مرور كل يوم من السجال الإسرائيلي الحاصل بين الائتلاف والمعارضة ترتفع حدة الاتهامات المتبادلة، وصولًا إلى اعتبار ما يحصل استيلاء عدائيًّا على مفاصل الدولة، عبر قوانين عنصرية فاشية، واعتماد سلوك مهين تجاه معارضيهم، بمن فيهم كبار القضاة والحقوقيين والأكاديميين ورجال الاقتصاد والمال، وبطريقة أقل ما يمكن أن توصف به الازدراء والاحتقار لأي صوت يطالب بكبح جماح هذا الهيجان الجاري لتغيير طبيعة شكل الدولة، وتحويلها مع مرور الوقت إلى نموذج لكيان سياسي يحتكم للشريعة اليهودية ومبادئ التلمود.
لقد شهدت الأيام الأخيرة انضمام المزيد من شرائح المحامين والخبراء وممثلي المنظمات غير الحكومية، إلى الدعوات المعارضة لإجراءات الحكومة، ويطالبون بمنع عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست من استكمال مخططهم القاضي بالاستيلاء على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لحماية أنفسهم من الإدانة بالجرائم التي ارتكبوها، وما زالوا يرتكبونها، والحصول على مزيد من الحصانة التي تحول دون خضوعهم للتحقيق، وربما الاعتقال، في حال ثبوت الاتهامات ضدهم، وعلى رأسهم نتنياهو، "كبيرهم الذي علمهم الفساد"، الذي اتُّهم قبل ثلاث سنوات بارتكاب جرائم خطيرة، ومحاكمته ماضية، ولو بتكاسل، منذ ذلك الحين، وقائمة اتهاماته تبدأ بالفساد الشخصي والعام، مرورًا بالرشوة والاحتيال، وصولًا إلى خيانة الأمانة!
ليس سرًّا أن هذه التحركات التي يقودها هذا الائتلاف غير المسبوق في دولة الاحتلال تسعى في نهاية المطاف إلى محو الفصل بين السلطات الثلاث لصالح السيطرة الحصرية للسلطة التنفيذية، ومنح المزيد من الامتيازات للقطاعات التي تخدم ممثليهم في الحكومة، وعلى رأسها المتدينون المتطرفون والمستوطنون، حتى لو أدى ذلك إلى تضارب المصالح، والدعوة إلى تحييد أجهزة إنفاذ القانون، وإضعاف المؤسسات الحكومية، وقطع صلاحيات المحكمة العليا إلى درجة العقم النهائي.
مقابل احتجاجات المعارضة، فإن الشارع الإسرائيلي وشبكات التواصل تزخر بازدراء وتحريض وإهانة القادة ذوي الخبرة الأمنية، والاقتصاديين المشهورين، ورجال القانون الذين يتمتعون بسمعة دولية في مجال عملهم، من حفنة من الشعبويين الفوضويين الساعين إلى فرض نظام استبدادي مظلم على الإسرائيليين، عناوينه تتراوح بين العنصرية والمعيارية الفاسدة والكذب والرجعية والإكراه الديني، عبر إفساح المجال للمتدينين المهووسين بنقل دولة الاحتلال من وضعها الحالي إلى مزيد من التخلف والشمولية، ما يزيد عن ابتعادها عن محيطها الغربي الذي طالما تغنّت بانتمائها إليه!