في الثالث والعشرين من ديسمبر 2016م امتنع باراك أوباما عن التصويت على مشروع القرار الفلسطيني بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، ما مكَّن من مرور القرار في مجلس الأمن بأغلبية (14) صوتا، وطالب القرار (إسرائيل) بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية.
كان القرار على مستوى التشريعات الدولية لمجلس الأمن جيدًا، ومهمًّا، وعدّه الفلسطينيون انتصارًا للدبلوماسية الفلسطينية وللحقوق الفلسطينية، ولكن لم تلتزم (إسرائيل) القرار، ولم ترحب به، ولم تنفذه، وواصلت الاستيطان بعد مدة من صدور قرار مجلس الأمن، وكأن القرار لا يعنيها بشيء.
التاريخ يعيد نفسه الآن ونحن في فبراير 2023م أي بعد تسع سنوات من قرار 2016م حيث تتقدم فلسطين لمجلس الأمن بقرار لإدانة الاستيطان، بعد أن قرر الكنيست الإسرائيلي الحالي السماح للمستوطنين بالعودة لتسع مستوطنات أوقفها شارون بقراره فكّ الارتباط، وقرر الكنيست قرارا آخر ببناء مستوطنات جديدة أخرى.
مشروع القرار الفلسطيني ربما يناقش للتصويت في مجلس الأمن غدًا الاثنين، ولا أحد يعرف ما هو الموقف الأميركي الذي سيتبناه بايدن، لكنَّ متحدثين من البيت الأبيض زعموا أن قرار إدانة الاستيطان من جديد عديم الفائدة.
وعليه أقول: إذا امتنعت أميركا عن التصويت فإنها تكون قد واصلت طريق أوباما، وكان بايدن منسجما مع نفسه، وإن قرر استخدام الفيتو فإنه سيبيح لنتنياهو و"بن غفير" التوسع في الاستيطان، ويكون ممثلا لإدارة ترامب الجمهورية، وعندها لا يبقى للسلطة الفلسطينية وجه فيما تسميه الرعاية الأميركية، ولا يكون لها حجة أمام من يطالبونها بالخروج من التبعية للإدارة الأميركية، والتنسيق الأمني مع الاحتلال.
نحن فلسطينيا لا نعول كثيرا على قرارات مجلس الأمن المناهضة للاحتلال والاستيطان لأن (إسرائيل) لا تنفذها، والدول الغربية وأميركا لا تعاقبها على عدم التنفيذ كما فعلت مع السودان وإيران وسوريا، ولكن لا نقبل من أميركا تعطيل قرار الإدانة، لأن امتناعها عن التصويت هو الحدّ الأدنى الذي يمكن قبوله.
إذا حصلت فلسطين على إدانة الاستيطان، فعندها يجدر بها أن تعتمد على نفسها في تنفيذ القرار، وذلك بتشجيع وتشريع أعمال المقاومة ضد المستوطنين، وهو موقف سبق أن اتفقت عليه الفصائل مع فتح والسلطة فيما عرف بوثيقة الأسرى.