فلسطين أون لاين

"خرزة وسنارة" يشق طريق رهام الدالي إلى المشاريع الصغيرة

...
خرزة وسنارة
رام الله – غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لم يخطر ببال رهام الدالي يوماً أنْ تنشئ مشروعها الخاص، وهي قد انشغلت بأمور بيتها وبناتها، ولم تتمكن من الحصول على وظيفة في تخصصها، لكن صدفة قادتها إلى إنشاء مشروعها الخاص، الذي يلقى إقبالاً لم تتوقعه.

فـ"رهام" أم لثلاثة بنات، ابنتها الكبرى "ألماس" تعشق الاكسسوارات اليدوية، فكانت تُحضر لها هي ووالدها "الربطات المصنوعة من المطاط والخرز والأسلاك المعدنية " لتصنع منه ما تريد.

تقول: "في أحد الأيام أمسكتُ بأغراضها وصنعتُ منها ميدالية، وصورتها على حسابي الشخصي في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فوجدتُ رسالة من فتاة تسألني عما إذا كانت الميدالية للبيع، فخطر ببالي فكرة أنْ أنتج مشغولات يدوية مثلها، ومن ثم أبيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

حازت الفكرة على إعجاب زوجها الذي اشترط عليها أن تبيع بأسعار معقولة وبهامش ربح قليل، "من هنا البداية فقد بعتُ تلك الميدالية بعشرة شواقل فقط، كان لها الأثر النفسي الإيجابي الكبير عليّ فقد شعرتُ بأن لها قيمة كبيرة، على الرغم من عدم وجود الحاجة المادية لديّ فزوجي وضعه المادي جيد".

وتضيف: "رغم عدم حاجتي المادية إلا أنني كنتُ أشعر بحاجتي لشيء أنجزه، ويشعرني بالنجاح دون أن أنشغل عن بيتي وأسرتي، ووجدتُ ضالتي في مشروعي الصغير الذي أسميته "خرزة وسنارة" أفرغ فيه مواهبي في الأشغال اليدوية".

تطوير ذاتي

شيئاً فشيئاً طورت الدالي مشروعها، فأضافت إلى العمل بـ"الخرز" العمل بالصوف الذي لم يبسق لها العمل به من قبل، لكنها تعلمت وطورت نفسها عبر شبكة الإنترنت، "كنتُ أشاهد وأطبق، أحياناً أفشل، وأخرى أنجح".

وفي ثلاثة أشهر من التدريب الذاتي، وعدة محاولات فاشلة، استطاعت إتقان العمل، وبدأت بإعداد بعض القطع لمنزلها، ثم عرضتها على "صفحة المشروع" على الانستغرام، وقد لاقت إعجاباً كبيراً وأصبح عليها طلب.

وتتابع: "خلال احتفال بيوم التراث الفلسطيني، لقيت المشغولات التي صنعتها لابنتي إعجاب المدرسات، وتلقيتُ اتصالات من المدرسات يطلبن مني أن أصنع لهن مشغولات مشابهة".

وتشير إلى أنها تصنع سلالًا وحقائب وسجادًا من الصوف وغيرها من الأشياء وفق طلب الزبائن، لافتة إلى أنها بصدد إضافة مواد أخرى غير الصوف والخرز إلى مشروعها.

مساحة لاختلاق الأفكار

وتبين أن هذه المشغولات كأعمال فنية تطور الإبداع لدى الإنسان، ويفرغ فيها طاقته، وتعطيه مساحة للتفكير اللامحدود واختلاق الأفكار، "قمة المتعة لديّ أن أختلي بنفسي في نهاية اليوم بعد أن تخلد بناتي للنوم، وأمسك بـ"سنارتي" وخيوطي وأندمج في العمل حتى أنتج القطعة بأبهى صورة".

وتزيد بالقول: "أكون في غاية السعادة عندما تحوز القطع التي أنتجها على إعجاب الزبائن، ويكونون راضين عما أقدمه لهم، فأنا في مشروعي ليس هدفي الربح، فأسعاري منخفضة جداً بالنسبة للضفة الغربية، ولكنه أصبح بالنسبة لي شغف وجزء أساسي من حياتي".

وتعتمد الدالي في عملها على مزج الخامات المختلفة كالخرز والصوف والخشب مع بعضها البعض، وتحاول كل مدة أن تضيف أنواعاً جديدة من المواد الخام، وتتابع عبر "الإنترنت" كل ما هو جديد في هذا العالم.

ولم تتوقف عند هذا الحد، بل إنها قامت بعمل فيديوهات تعليمية عرضت فيها خلاصة خبرتها لمن يحبون البدء بمثل هكذا مشروع، إيماناً منها بأنه علم يجب أن تنفع به غيرها: " وحتى لو أعطيتُ الناس ما لديّ من معلومات فلا أحد سيقلد الثاني، فكل شخص سيكون له لمسته، أمزج العديد من الخامات مع بعضها كالخرز والخيوط والخشب وغيرها، وأحرص دائمًا على التجديد والتنوع".

مواكبة الجديد

وتواصل الدالي بالقول: "قمت بمتابعة العديد من المواقع الأجنبية لأواكب كل جديد سواء من الأفكار أو الألوان أو المواد، كما حرصت على عمل فيديوهات تعليمية شرحت فيها كل ما يخص هذا العمل من الألف إلى الياء، ولم أبخل بأي معلومة، فهذا علم أحب أن ينتفع به غيري، لأن كل منا له لمسته الإبداعية الخاصة، وبصمته التي تختلف عن غيره".

وتضيف: "بحثي عن كل ما هو جديد، واعتمادي على نفسي سواء في شراء المواد الخام أو التعامل مع شركات التوصيل، صقل من شخصيتي وعزز ثقتي بنفسي"، مشيرة إلى أنها تشعر بالسعادة عندما تصلها رسائل من فتيات يخبرنها بأنهن قد أنشأن مشاريعهن الخاصة من وحي تجربتها، ومعلوماتها التي تنشرها للجميع.

وتُرجع الدالي الفضل في نجاحها إلى زوجها الداعم الأول لمشروعها، والذي دائماً ما يساندها بإدلاء رأيه فيما تفعله، كونه يعمل في قطاع الملابس، ولديه خبرة بتناسق الأول، "كل قطعة أنتجها ألجأ له لمعرفة رأيه".

وتمثل أم رهام وشقيقاتها داعمًا أساسيًا لها، إذ تحظى بالتشجيع والتحفيز منهن، ويساعدنها على تخطي بعض التعليقات السلبية من المحيطين بها، الذين يحاولون الانتقاص من قيمة ما تقوم به، بلجوئها إلى الخياطة بدلاً من العمل بشهادتها بالصيدلة، إذ إنها كانت من المتفوقين بالدراسة.

والدالي حالياً على بعد خطوات من تحقيق أحد أحلامها بعقد تدريب في مجال الأشغال اليدوية لذوي الإعاقة "التوحد وداون"؛ إيماناً منها بأن هذه الفئة لديها الكثير لتعطيه، وأنها مهمشة في هذا الجانب.

وتضيف:" منذ فترة وأنا أخطط لهذه الدورة التي سيساعدني فيها ابنتاي وشقيقتاي، أخيراً وجدنا مكانًا، كما أن الشركة التي أشتري منها المواد الخام عندما علمت بفكرتي دعمتني بمواد خام مجانية".