الطريق إلى قطاع غزة بحرًا محفوفة بالمخاطر، ومع ذلك إن القطاع الساحلي سيكون الصيف المقبل على موعد مع سفينة أو أكثر لكسر حصاره المفروض منذ نحو عقد من الزمان.
ويقف عدم سماح دول عربية بتسيير الأساطيل من موانئها، وسعي الحكومات الغربية إلى منع مواطنيها من المشاركة عائقًا أمام الاسترسال في تسيير السفن، وفي المقابل إن ملاحقة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق أساطيل الحرية السابقة قضائيًّا تشكل حافزاً للنشطاء على مواصلة المشوار، كل هذا وغيره تكشفه "فلسطين" في حوارها التالي مع رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار زاهر بيراوي.
يجيب بيراوي الذي ينشط في فعاليات دولية مستمرة تساند القضية الفلسطينية عن سؤال: "هل هناك أساطيل أو سفن ستسير قريبًا نحو غزة؟" بقوله: "تحالف أسطول الحرية درس مشروعًا لتسيير سفينة أو أكثر خلال 2018م، ويوجد قرار مبدئي باستمرار محاولات كسر الحصار من جانب البحر".
ويضيف: "جارٍ بحث التفاصيل وتوفير مقومات النجاح، وفي العادة السفن تسير في النصف الثاني من العام"، مشيرًا إلى أن بعض أعضاء التحالف من المنظمات التضامنية في أوروبا يفكرون بتسيير سفن منفردة.
ويبين بيراوي أن المعيقات تتمثل أولًا بالاحتلال الإسرائيلي، وثانيًا بعدم سماح الدول العربية بتسيير الأساطيل من موانئها، فتضطر أن تبحر مسافات طويلة من أوروبا، معربًا عن أسفه الشديد أن الدول العربية "ليس في واردها أن تدعم هذه التحركات".
وذلك غير وجود مشاكل ومعيقات مرتبطة بالتأمين على هذه السفن من قبل شركات التأمين، بحسب قول بيراوي.
ويتابع: "هناك مشاكل واجهتنا مثل عدم التعاون الإعلامي الغربي في تغطية هذه الأحداث إلا بالحد اليسير"، مشيرًا إلى معيق مالي، يقول: "فلا شك أن لهذه المشاريع تكاليف، نحن نحاول توفير هذه الأموال من التبرعات الفردية من النشطاء المؤمنين برسالة كسر الحصار عن القطاع، لكن هذا يأخذ وقتًا طويلًا لجمع تكاليف سفينة أو أكثر لتسييرها إلى البحر".
وردًّا على سؤال عن الموقف الرسمي الغربي يقول: "لا يوجد أي قدر من التعاون، بالعكس كانت محاولات في المرات السابقة من الحكومات الغربية لثني النشطاء الغربيين عن المشاركة في هذه النشاطات، لأنها من وجهة نظرها إلقاء للنفس في التهلكة، أو ذهاب إلى مناطق نزاعات".
وعن سؤال: "أهناك إجراءات لمعاقبة قادة الاحتلال؟" يجيب: "المستويات الرسمية في العالم حتى الآن لا تتعاون، بل العكس، في أوروبا بسبب ضغط اللوبي الصهيوني المستويات الرسمية تحاول حماية مجرمي الحرب الإسرائيليين".
"وفي العالم العربي (والكلام لا يزال لبيراوي) ليس هناك أي دعم لهذه الإجراءات الخاصة بمعاقبة قادة الاحتلال".
لكنه يؤكد وجود إجراءات قانونية ضد كيان الاحتلال، وخاصة القضية التي تتابعها مؤسسة الإغاثة وحقوق الإنسان التركية (إي هاها)، فيما يتعلق بحقوق النشطاء الأتراك تحديدًا.
وأسطول الحرية الأول انطلق نحو القطاع في أيار (مايو) 2010م، وكانت تقوده سفينة (مافي مرمرة) التركية، وهو الأسطول الذي هاجمه الاحتلال من البحر والجو، ما أدى إلى استشهاد تسعة ناشطين وإصابة آخرين بجروح، واستشهد الناشط العاشر الذي كان في غيبوبة في أيار (مايو) 2014م.
وفي العام الماضي قرصنت قوات الاحتلال سفينة "زيتونة" النسائية التي كان على متنها 13 متضامنة، واقتادتها إلى ميناء أسدود، ومنعتها من الوصول إلى قطاع غزة لكسر حصاره.
"مؤثرة ومقلقة"
وعن مدى فعالية إجراءات معاقبة الاحتلال يقول: "لا شك أنها مؤثرة ومقلقة لقادة الاحتلال الإسرائيلي في هذه الحالة أو حالات مشابهة، فبعد الحرب على غزة كانوا يترددون كثيرًا قبل الذهاب إلى عواصم أوروبية مختلفة: لندن وبروكسل وغيرهما، خوفًا من الاعتقال بتهم تتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبوها".
ويؤكد أن على كيان الاحتلال الإسرائيلي قضايا مرفوعة في فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، مضيفًا: "هناك قضايا للمطالبة بالتعويض عن ثمن السفن، وأخرى ضد قادة الاحتلال الذين شاركوا في الاعتداء على السفن، وهناك عدد من المنظمات التضامنية في دول أوروبية ما زالت تتابع مثل هذه القضايا لدى المحاكم المحلية فيها".
ويتابع: "الاحتلال يملك القوات البحرية والدعم الدولي السياسي والإعلامي، لكننا نرمي من محاولاتنا لتسيير هذه السفن إلى إبقاء موضوع كسر الحصار حيًّا في نفوس الناس، وأيضًا استمرار محاولة فضح كيان الاحتلال".
ويرى بيراوي أن محدد النجاح لسفن كسر الحصار هو الحملات السياسية والإعلامية المرافقة لها، لا الوصول إلى شواطئ غزة.
ويشدد على أن فكرة أساطيل كسر الحصار البحري أو القوافل البرية للإغاثة كانت _وما زالت_ في غاية الأهمية لأسباب عدة، منها الجانب الإعلامي والسياسي، وتأكيد دعم الشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم الحر لأهل غزة وللقضية الفلسطينية.
ويتمم بيراوي: "ثبات أهل غزة في وجه الحروب العدوانية نقل رسالتهم إلى العالم، كما أن أساطيل وقوافل كسر الحصار كانت سببًا في نقلها، وأصبحت هذه الرسالة همًّا أساسيًّا في كل بيت عربي ومسلم".
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت في 2015م أسطول الحرية الثالث، الذي كانت تقوده السفينة (ماريان) السويدية، وعلى متنه نحو 70 ناشطًا من عشرين دولة، بينهم الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي؛ من الوصول إلى قطاع غزة.
وأعطب كيان الاحتلال سفينتين من أسطول الحرية الثاني في تموز (يوليو) 2011م، ومُنِعت السفن السبع الأخرى من التحرك نحو غزة، بضغط أمريكي إسرائيلي على الحكومة اليونانية.