قال مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية في القدس المحتلة، د. خليل التفكجي: إن تقطيع أواصر مدن الضفة الغربية عبر الاستيطان، يمثل هدفًا آنيًا استراتيجيًا لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد التفكجي في حديث لـ"فلسطين"، أن تقطيع الضفة الغربية لمناطق "أرباع"، يصب في تعقيد أي حلول مستقبلية في ملف الدولة الفلسطينية، ويحقق من جهة ثانية سيطرة أمنية إسرائيلية على المناطق الفلسطينية بكل سهولة ودون أي عناء وكدر.
وشدد على أن المستوطنات باتت تشكل عبئا كبيرًا أمام المواطنين في الضفة الغربية، حيث إن صاحب الحاجة للتنقل منهم من الشمال للوسط أو بالعكس بات يحتاج لأكثر من ساعتين في أوقات الأيام العادية، و24 ساعة في حال الازدحام ووجود "المشاكل الأمنية".
وأشار إلى أن اقامة الاحتلال لمستوطنة "عميحاي" جنوب نابلس البديلة لـ"عمونا" مؤخرًا، يحقق أهدافا متعددة، غير أن الأخطر منها ما يتعلق في كون المستوطنة تمثل سدًا استيطانيًا يفصل شمال الضفة عن وسطها، حيث يبدأ من حدود الأراضي المحتلة سنة 1948 غربًا حتى غور الأردن شرقًا.
وكانت حكومة الاحتلال قد صادقت في جلستها الأسبوعية أول من أمس على تخصيص ميزانية لاستئناف إنشاء المرافق الأساسية لمستوطنة "عميحاي"، وقد سبق أن أعلن رئيسها بنيامين نتنياهو قبل أشهر عن إنشاء هذه المستوطنة للمستوطنين الذين أُجلوا عن مستوطنة "عامونا" مطلع العام الجاري.
وحذر التفكجي من تصديق الرواية الإسرائيلية بشأن اقامة مستوطنة "افيحاي" شمال رام الله، وتداولها على أنها المستوطنة الأولى التي تقام بقرار حكومي إسرائيلي منذ (عشرين عامًا)، مؤكدًا أن عشرات المستوطنات أقيمت في هذه المدة بخلاف ما يسوق الاحتلال، ويتلقفه البعض على أنه مُسلمات.
ولفت إلى أن الاستيطان الإسرائيلي ازداد خلال الأعوام العشرة الماضية، ليصل لحجم الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية نحو 40% فقط، و13% في القدس المحتلة.
وتابع: "حتى هذه النسب الضئيلة في الضفة والقدس التي يمتلكها الفلسطينيون، تقاتل (إسرائيل) على أن تبتلع المزيد منها في كنف الاستيطان، وبسط سيطرتها الأمنية والعسكرية عليها بشكل واضح وصريح".
ونبه التفكجي إلى أن سلطات الاحتلال تسعى لرفع أعداد المستوطنين داخل مستوطنات الضفة الغربية لمليون مستوطن، يعيشون بامتيازات أمنية وجغرافية على حساب أصحاب الأرض الفلسطينيين، والذين من ناحيتهم سيعيشون مستقبلًا ليس بعيدًا داخل تجمعات تربطها الجسور والأنفاق.
وأوضح أن الاحتلال يسعى لكسر حاجز التفوق الديمغرافي الفلسطيني الحالي في الضفة لصالح المستوطنين اليهود، حيث يسعى لأن يُقدم لهم شتى أصناف التسهيلات والامتيازات لتشجيعهم على الانتقال إلى السكن في المستوطنات.
وشدد على أن النهج الاستيطاني المتواصل للاحتلال الإسرائيلي يدلل على أنه أولوية قصوى أكثر من تحقيق التسوية مع الفلسطينيين، وأن الرؤية الإسرائيلية القائمة رأس هرمها "دولة يهودية واحدة ما بين البحر والنهر".
وتؤكد الأمم المتحدة على عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقالت في يونيو/حزيران الماضي إنها تعارض أي إجراءات أحادية الجانب تؤدي إلى تقويض فرص "إحلال السلام بين الفلسطينيين و(إسرائيل)".