أثبتت المقاومة في قطاع غزة قوّة موقفها أمام حكومة المستوطنين الفاشية التي باتت تحسب لها ألف حساب عند الإقدام على تنفيذ سياسات عدوانية واسعة ضد مدينة القدس المحتلة وأهلها، وفق ما يقول مراقبون.
ويؤكد المراقبون أن المقاومة استطاعت فرض معادلات اشتباك جديدة منذ معركة "سيف القدس" التي خاضتها في مايو/ أيار 2021، والتي انعكست تداعياتها على قرارات حكومة المستوطنين برئاسة بنيامين نتنياهو بشأن خوض أي عملية عسكرية ضد القدس، خشية امتدادها للضفة، وصولاً لدخول غزة في المواجهة.
اقرأ أيضاً: تقرير تحليل: (إسرائيل) لا تراهن على المواجهة الطويلة مع المقاومة بغزة منذ 2014
وأدخلت تصريحات وزير "الأمن القومي" في حكومة المستوطنين إيتمار بن غفير بشأن تنفيذ عملية "السور الواقي2" دولة الاحتلال في حالة من الإرباك السياسي لكونها قوبلت بمعارضة كبيرة من قادة ووزراء إسرائيليين.
ويعلق الصحفي في القناة (20) العبرية نوعم أمير: "بينما يريد وزير الأمن القومي بن غفير شن عملية سور واقٍ 2 شرق القدس، فإن الحكومة بشكل عام تشير إلى الفلسطينيين بسياسة الاحتواء"، على حد زعمه.
فصل غزة
ورأى الكاتب والمحلل السياسي، إسماعيل مسلماني، أن حكومة المستوطنين تسعى لفصل ساحة القدس عن الضفة وقطاع غزة، خشية اندلاع مواجهة كبيرة تكون المقاومة في غزة أحد أطرافها البارزين.
وأوضح مسلماني لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة في غزة أفشلت مساعي الاحتلال عبر فرض معادلات اشتباك جديدة وإثبات وحدة الشعب الفلسطيني على امتداد أرضه في وجه جرائم الاحتلال وسياساته العدوانية.
وذكر أن الاحتلال يسعى للبحث عن الحلقة الأضعف وهي القدس عبر شن سلسلة من التضييق وخنق المقدسيين، لافتًا إلى أن "القدس هي القنبلة المتفجرة في المشهدين السياسي الفلسطيني والإسرائيلي".
وبيّن أن "بن غفير" يسعى إلى فرض وقائع جديدة في القدس عبر تكثيف قرارات الملاحقات وتسريع وتيرة الهدم، ومعاقبة عائلات منفذي العمليات الاستشهادية.
ولم يستبعد المحلل السياسي، إمكانية انفجار الأوضاع في القدس مع قرب شهر رمضان المبارك، مشيرًا في الوقت ذاته، إلى أن (إسرائيل) تخشى دخول غزة على خط المواجهة، خاصة في أعقاب معركة "سيف القدس" التي أثبتت أنها تفتح جرحاً عميقاً لدى الاحتلال بفعل ما تملكه المقاومة من صواريخ وقدرات.
ولفت مسلماني إلى أن المقاومة في غزة تشكل درعاً مسانداً للجماهير في الضفة والقدس والداخل المحتل، وهو ما يزعج المنظومة الأمنية الإسرائيلية، معتبرًا تصاعد المقاومة والرد الشعبي نتاج معركة "سيف القدس" التي زادت وعي الشعب الفلسطيني بشأن أهمية المقاومة.
اقرأ أيضاً: تقرير مراقبون: انسجام المقاومة بغزة مع الضفة "علامة فارقة" بإدارة الصراع في الأقصى
من جهته، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، إن حكومة الاحتلال تعيش حالة غير مستقرة في الوقت الراهن نتيجة تصريحات وأفعال "بن غفير" التي تؤجج الأوضاع الميدانية في القدس.
وأوضح جعارة لصحيفة "فلسطين"، أن "بن غفير" أثبت أنه لا يفقه في السياسة شيئاً حسب ما يصفه محللون ووزراء إسرائيليون، وهو لا يستطيع فعل شيء على أرض الواقع.
وبين أن (إسرائيل) تخشى أن تلتحق مقاومة غزة بالضفة والقدس، لذلك يحسب ألف حساب لها قبل ارتكاب أي سياسات عنصرية بحق المقدسيين والضفة وحتى الداخل المحتل.
ورجّح استمرار تصاعد المقاومة في القدس والضفة، مستبعداً أن ينجح القمع الإسرائيلي في ردع المقاومة في الأراضي الفلسطينية وخاصة بغزة.
ترهيب المقدسيين
من ناحيته، قال الباحث في شؤون القدس شعيب أبو اسنينة، إن الاحتلال يسعى لترهيب المقدسيين عبر استخدام سياسات عنصرية تتمثل بهدم البيوت والملاحقات والاعتقالات، مستدركاً "لكن المقاومة أثبتت دعمها وإسنادها للقدس".
وبيّن أبو اسنينة لصحيفة "فلسطين" أن تأجيل الاحتلال هدم منزل في حي سلوان و4 أخرى في جبل المكبر، إضافة لهدم "الخان الأحمر"، دليل على خشيته من تهديدات المقاومة في غزة، لافتًا إلى أنه يسعى لبث الرعب في قلوب المقدسيين وإطفاء جذوة المقاومة.
وأضاف أن غزة استطاعت أن تحدث في عقلية قيادة الاحتلال الأمنية والعسكرية والسياسية حالة من الردع، خاصة بعد معركة "سيف القدس"، منبّهاً إلى أن المعركة خلقت حالة من الرعب لدى قادة الاحتلال وجعلتهم يخشون المقاومة ويترقبون ردود أفعالها على جرائمهم.
ويعتقد أبو اسنينة أن "المقاومة استطاعت خلق معادلات جديدة خاصة على مستوى القدس، ولا سيّما أن الاحتلال وضعها هدفاً للتهويد"، لافتاً إلى أن الاحتلال يخشى من عواقب أي حماقات يُقدم عليها ضد المسجد الأقصى.