بدأ العام الجديد 2023، وملامح الزلازل السياسية في العالم بأسره وفي منطقتنا، جلية وواضحة، مع تفاقم تعقيدات ملف المواجهة الروسية/الغربية على أرض أوكرانيا وقرقعة استخدام السلاح النووي التكتيكي، والصراعات المُتَّقِدة تحت الصفيح الساخن بين بكين وواشنطن.
وصولًا لصعود حكومة اليمين الفاشي في (إسرائيل)، وسطوة اتجاهات «الميثولوجية الدينية التوراتية»، وحاخاماتها، حتى بان بأن الحكومة الائتلافية التي يقودها بنيامين نتنياهو ليست سوى حكومة سلطة رجال الدين (ثيوقراط)، بالرغم من ادعاءات نتنياهو وحزب الليكود بانحيازهم إلى خط «اليمين العلماني» في (إسرائيل).
إن الزلازل السياسية، التي أطلَّت مع عام 2023، وما يتوقع أن تحمله من «عركات» سياسية كبرى قادمة خلال العام الجاري، ترافقت ـ وبمصادفة ـ مع الزلزال العنيف المُدمِّر الذي ضرب جنوب وسط تركيا وامتدَّ بقوة كبيرة نحو عموم بلاد الشام، وبالأخص شمال سوريا، إضافة للعراق، وقد ارتفع مقياس ريختر عليه لنحو يتعدى الرقم (7) وهو مرحلة الخطر، بل تُشير مراكز الرصد إلى أن قوة الزلزال وصلت إلى (7.8) درجة على مقياس ريختر.
فالزلزال ضرب منطقة واسعة، وتسبب في كوارث، أدَّت فيما أدَّت إليه لخسائر بشرية في عددٍ من المخيمات والتجمُّعات الفلسطينية في الشمال السوري، وقعت ضمن دائرة الزلزال بقوَّته الأولى: في مخيم الرمل في اللاذقية ومعظم مواطنيه من لاجئي فلسطين من يافا وحيفا وقضاء حيفا.
وفي مخيمي النيرب وحندرات في حلب ومعظم مواطنيهما من لاجئي مناطق وقرى الجليل، وبهزّاتٍ أقل في (مخيم العائدين) بمدينة حماة، ومخيم الوليد (مخيم حمص). إضافة إلى تجمُّعات فلسطينية متفرِّقة في المحافظات الشمالية في سوريا. حيث توفي نحو خمسين لاجئًا فلسطينيًّا، بمن فيهم وفاة أفراد عدَّة عائلات فلسطينية تحت الأنقاض بمحافظة إدلب في بلدة (جندريس).
إن هذا الزلزال المُدمِّر فاقم من محنة البلاد والعباد، ومنهم لاجئو فلسطين في سوريا، الذين يعيشون بمعظمهم وضعًا اقتصاديًّا وحياتيًّا صعبًا نتيجة السنوات العشر الماضية من الأحداث الأليمة التي مرَّت على سوريا العربية، والتي نقف معها الآن أمام محنة الزلزال وتداعياته على عموم الناس في البلد.
إن الزلازل السياسية تكون في الغالب مرسومة مسبقًا، على يد قوى ومنظومات سياسية ودول في إطار صراعات المصالح الكبرى في العالم، بين الكتل الرئيسية والمتنفذة، لذلك تكون ظالمة عندما تصيب الضعفاء على يد الأقوياء، لكن حركة الزلازل الطبيعية الجغرافية، تبقى أرحم من الزلازل السياسية، رغم ما قد تحمله من خسائر كبرى؛ لأنه لا يَد للبشر بها والظلم المرسوم والمتعمد في طياتها، بل تأتي بفعل الصفائح التكتونية (ألواح في الغلاف الصخري في القشرة الأرضية)، والتي تتحرك ببطء شديد بمعدل بضعة سنتيمترات في العام الواحد، وتسبب هذه الحركة تشوهات عند حدود الصفائح والذي ينشأ منها العديد من الظواهر الطبيعية، مثل: الزلازل والبراكين.