فلسطين أون لاين

محللان: مؤتمر فتح رسخ تنصلها التام من أي نشاط مقاوم للاحتلال

...
صورة أرشيفية لمؤتمر فتح السابع في رام الله - (أ ف ب)
غزة - حازم الحلو

رأى محللان سياسيان أن خطاب رئيس السلطة والقائد العام لحركة فتح محمود عباس خلال المؤتمر السابع للحركة، أغفل عمدًا ذكر انتفاضة القدس، مشيرين إلى أن ذلك يأتي في سياق الرؤية التي تتبناها فتح على الصعيد الرسمي وتعارض فيها أي نشاط مقاوم للاحتلال.

وذكر المحللان أن حركة فتح تعيش انفصامًا كبيرًا بين قاعدتها الشعبية والقيادة التي تتحكم فيها، لافتين إلى أن القاعدة الشعبية متفقة تمامًا على الانخراط وتقديم الدعم لانتفاضة القدس، بينما ترى القيادة الرسمية أن تلك الانتفاضة تضر بمصالح الشعب الفلسطيني وتضعفها سياسيًا في وجه الاحتلال.

وكان عباس ألقى خطابًا مطولاً خلال المؤتمر، تمَّ اعتماده فيما بعد كوثيقة سياسية تحدد البرنامج السياسي لحركة فتح خلال السنوات المقبلة، حيث أكد عباس خلال الخطاب أن فتح تتبنى عملية التسوية كمدخل وحيد لإنهاء الاحتلال.

وأوضح عباس أن فتح تتمسك بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي، على أساس حل الدولتين وتجسيد إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة الاحتلال.

من ناحيته، أكد المحلل السياسي مصطفى الصواف، أن عباس طوال تاريخه السياسي لم يكن يؤمن بأي شكل من الاشكال أن الحقوق الفلسطينية يجب أن تنتزع انتزاعًا من الاحتلال عبر المقاومة بكافة أشكالها.

وذكر في حديثه لـ"فلسطين"، أن المقاومة الشعبية التي يتشدق بها مسؤولو فتح لا يبدو أن لها نصيبًا من الاهتمام داخل قيادة فتح، منوها إلى أن تلك الشعارات ليست سوى "اكليشيهات" تتغنى بها قيادة فتح للحفاظ على شعبيتها بين عناصرها.

وأشار إلى أن عباس غارق في مسيرة التسوية حتى أذنيه، وهو لن يستطيع أن يتخلص من أعبائها لأنه ربط مصيره ومصير حركة فتح والسلطة الفلسطينية بإرادة الاحتلال من خلال الإذعان له ونبذ المقاومة التي ترغم أنف المحتل.

وبين أن حركة فتح تعيش انقسامًا حادًا في الرؤى بين القاعدة والقيادة، ففي حين تؤمن قيادة فتح بنهج التفاوض كحل وحيد، يبدو أن القاعدة الشعبية للحركة تعارض هذه الرؤية من خلال الانخراط في بعض الأنشطة المقاوِمة للاحتلال، كما حدث قبل شهور من عمليات إطلاق نار تجاه أهداف إسرائيلية نفذها عناصر ينتمون لفتح وأجهزة أمن السلطة.

وذكر أن عباس تجاهل أيضا خلال المؤتمر ذكر قادة فتح الموجودين في سجون الاحتلال على خلفية قيامهم بأنشطة عسكرية ضد الاحتلال كاللواء الأسير فؤاد الشوبكي، حيث لم يأتِ على ذكره ويبدو أنه لن يفعل ذلك مستقبلاً.

وبشأن مستقبل انتفاضة القدس في ظل اصرار عباس وقادة فتح على برنامج التسوية والتنسيق الامني، اكد الصواف ان الانتفاضة هي فعل ثوري شعبي لا يستأذن أحدا حينما يندلع، مشيرا الى أن وقف الانتفاضة لا يمكن ان يكون بقرار هنا أو هناك، بل هي رهن باستمرار عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني.

وطالب الفصائل بتبني الانتفاضة بشكل قوي وفعال لقطع الطريق على أية محاولات وأد لها يتم التحضير لها بمشاركة السلطة، مؤكدًا ان تصعيدها هو الحل الوحيد للحفاظ عليها متقدة في تاريخ النضال الفلسطيني.

من جهته، أكد المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن رؤية حركة فتح لبرنامجها السياسي قد عبر عنها القائد العام للحركة محمود عباس بوضوح شديد، وهي الاستمرار في المراهنة على مسار التسوية كطريق لتحصيل الحقوق الفلسطينية.

وأشار في حديثه لـ"فلسطين"، إلى أن السلوك الخشن للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية مع نشطاء انتفاضة القدس يؤكد أن القيادة الفلسطينية للسلطة وحركة فتح تقفان بوضوح ضد أي نشاط يستهدف الاحتلال.

ونوَّه إلى أن اسقاط واهمال انتفاضة القدس لم يكن فقط من خلال عدم الاشارة إليها من قريب أو بعيد خلال خطاب عباس، بل يتعداه ذلك إلى إهمالها تمامًا وعدم ذكرها من خلال وسائل الاعلام الرسمية التي تتبع السلطة وحركة فتح.

ولفت الى أنه لم يكن من المنتظر ان تقوم حركة فتح بتغيير برنامجها السياسي خلال المؤتمر السابع، نظرا لانغماس قادتها في وحل السلطة ومقتضياتها، علاوة على أن عباس كان يهدف من المؤتمر فقط حصر خيوط اللعبة التنظيمية في يده واقصاء تيار القيادي المفصول محمد دحلان من حركة فتح نهائيًا.

وبين أن تيار دحلان بدوره لا يختلف كثيرًا في برنامج ورؤيته السياسية عن تيار عباس، مشيرا الى أن الخلاف في حقيقته هو على تقاسم الحظوة التنظيمية وشعور تيار دحلان أن عباس يريد أن يستأثر بكعكة التنظيم بكاملها.

وشدَّد على أن حركة فتح خسرت كثيرًا من خصائصها التحررية بفعل قبولها بعملية التسوية كخيار وحيد، مؤكدًا أنها تحولت من تنظيم مقاوم للاحتلال إلى حركة سلطوية وظيفية لا تملك أن تكافح الاحتلال.