تتواصل الاستهدافات الإسرائيلية للأهداف العسكرية والأمنية في قلب إيران، وكان آخرها الهجوم في قلب مدينة أصفهان حيث المنشأة العسكرية التي تنتج صواريخ متطورة، ما يشير إلى إصرار إسرائيلي على منع إيران من إنتاج الأسلحة التي يمكنها أن "تكسر التوازن" القائم في المنطقة، وفق التعريف الإسرائيلي، بما يحرم الاحتلال من التفوق النوعي.
يتزامن الهجوم الإسرائيلي على مصنع الأسلحة في أصفهان، مع سلسلة هجمات عدوانية على قافلة عبرت الحدود بين العراق وسوريا، وسط تباين التقارير التي تحدثت أن المصنع والقافلة كانا يحويان صواريخ متوسطة المدى، وطائرات بدون طيار، ما يمنح هذه الاعتداءات بعدًا جيو-إستراتيجي معقّد.
بعد آخر لا تخطئه العين في هذه الاعتداءات أنها تتزامن مع المناورات العسكرية الكبيرة الإسرائيلية الأمريكية المشتركة، وتضمنت تدريبات جوية مكثفة للقاذفات والطائرات المقاتلة، وفي نفس الوقت زيارة نخبة من المسؤولين الأمريكيين الكبار لدولة الاحتلال، أبرزهم وزير الخارجية أنطوني بلينكين، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ورئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز.
كثيرة هي الدلالات التي ترتبط بالعدوانات الإسرائيلية المتواصلة على الأهداف والمواقع، سواء في قلب إيران أو سوريا أو الحدود التي تربط دول المنطقة، سواء مع التقارب المتزايد بين إيران وروسيا، وفي الوقت ذاته تصاعد الاحتجاجات الداخلية هناك، أو الاطمئنان الإسرائيلي لعدم وجود رد إيراني رادع أو عمل انتقامي يكبّد الاحتلال أثمانًا باهظة.
صحيح أن المدة الماضية شهدت محاولات متواصلة من إيران لاستهداف شخصيات إسرائيلية في أكثر من عاصمة، لكنها لم تنجح، مع العلم أننا رأينا في الآونة الأخيرة استهدافات إيرانية واضحة لعدد من السفن المملوكة لدولة الاحتلال، حتى لو رفعت أعلام دول أخرى، وسط مزاعم إسرائيلية عن إطلاق سفن من اليمن قد تصل إلى ميناء إيلات.
مع أن الرسالة الإسرائيلية من استمرار هذه الهجمات العدوانية على المواقع الإيرانية، واضحة تمامًا، سواء بالهجوم على منشأة أصفهان، أو الهجمات على الحدود السورية العراقية، في نفس اليوم تقريبًا، ومفادها أن من نفذ هذه الهجمات لديه معلومات دقيقة للغاية عن الأهداف، وعازم على منع إنتاج الأسلحة، ونقلها إلى العناصر المعادية للاحتلال في المنطقة.
في ذات السياق، فإن ما يمكن تعلمه من أسلوب العدوان الإسرائيلي باستخدام الطائرات بدون طيار، أن إيران استُهدفت فعليًا بالسلاح الذي أتقنته بنفسها في السنوات الأخيرة، بل وصدّرته لنزاعات مختلفة في المنطقة، سواء باستخدامها ضد السفن في مياه الخليج العربي، أو في هجمات الحوثيين ضد السعودية.
يتعلق السؤال الأخير بالمكان الذي انطلقت منه الطائرات الإسرائيلية التي هاجمت الأهداف الإيرانية، فهل من داخلها، أو من مواقع المعارضة الكردية من العراق، وربما من أذربيجان وأفغانستان، إذ تشهدان بعض التوترات مع طهران.. تبقى أسئلة مفتوحة بدون إجابة!