يبدو أن الزلزال الذي ضرب أمس مناطق واسعة في تركيا وسوريا هو الأقوى منذ عشرات السنين. الزلزال كان بقوة 7.8 درجات على سلم ريختر لقياس الزلازل. هذه الدرجة مدمرة، فكيف إذا تبعتها بعد ساعات زلزلة ثانية بقوة 7.5 درجات، وعشرات الموجات الارتدادية؟ الزلزال مدمر والطقس الماطر والمثلج والمنخفض العميق يعيق بلا شك قدرة الدولتين على إنقاذ من هم أحياء تحت الأنقاض، وفي الوقت نفسه إنه لمن المبكر الحديث عن إحصائية نهاية للقتلى والمصابين، ولكنها بالآلاف، أخذا بالاعتبار العدد الضخم للمباني السكنية التي انهارت انهيارا كليا أو جزئيا في ساعات آخر الليل والناس نيام وفي غفلة.
ما أود قوله إن كارثة الزلزال التي وقعت في تركيا وسوريا بتقدير الله اللطيف الخبير تقتضي منا في فلسطين، وفي الصحيفة أن نقدم تعازينا للقتلى، ودعواتنا للمصابين بالشفاء، والله نسأل أن يربط على قلوب أهلنا في سوريا وتركيا، وأن يلهم الله الحكومتين لاتخاذ الإجراءات التي يمكنها أن تخفف من وقع الكارثة على المواطنين.
ما من شك أن دول العالم تتعاون وتتكاتف في تحمل أعباء وتداعيات الزلزال، بإمداد الدولتين بما يمكن أن يخفف من وقع الكارثة، ويجدر بالدول العربية الغنية أن تكون من الدول المبادرة والسخية في تخفيف آلام أهلنا في البلدين.
إن في الزلازل نقم، وعبر، والنقم تحكيها الإحصاءات والأرقام على مستوى المادة والبشر، والعبر هي مراجعات ذاتية، فردية وجماعية، يجدر أن تستهدف التوبة والعودة إلى الله، فالإنسان وإن اقتحم القمر يبقى ضعيفا وبحاجة إلى لطف الله ورحمته، ولا دواء من مثل هذه الكوارث غير الدعاء والتذلل لله أن يخفف ما قدره وقضاه بحكمته وعدله، فهو أرحم الراحمين.
إنه إذا كان أهلنا في سوريا وتركيا في حاجة لتوبة منجية، فإننا نحن في فلسطين وغيرها في حاجة مماثلة لتوبة صادقة منجية، نحن في حاجة لتوبة جماعية تعم المجتمع الفلسطيني، فعظامنا طرية ولا تستحمل جزءًا مما يمكن أن تستحمله الدول التركية.
الله سبحانه يقرع لنا جرسًا ينبهنا على ضرورة العودة إليه على الفور، ودون تراخٍ وتسويف، فقد ثبت بالزلزال أن الكوارث تقع فجأة والناس غافلون.
اللهم ارحم القتلى، واشفِ الجرحى، وكن عونا لنا ولأهلنا في سوريا وتركيا، آمين.