قبل أيام افتتحت دولة تشاد ذات الشعب المسلم سفارة لها في (إسرائيل) بحضور أدريس ديبي رئيس الدولة ونتنياهو، وفي سياق متصل زار إيلي كوهين وزير خارجية دولة الاحتلال الخرطوم والتقى الرئيس السوداني البرهان، تمخض اللقاء عن اتفاق مشترك لإشهار اتفاق التطبيع المشترك في الأيام القادمة عند تشكيل حكومة مدنية في الخرطوم.
الفصائل الفلسطينية انتقدت تطبيع تشاد والخرطوم مع (إسرائيل)، وعدته ضارًا بالحقوق الفلسطينية، ومكافأة من دول بلد إسلامي لدولة تحتل القدس وتُدنس المسجد الأقصى، وتهدد سلامته.
نحن نعلم أن شعب تشاد لا يقبل بالتطبيع الذي تقوم به حكومته، ولكنه لا يملك قدرة على منعها، وقد سبقتها حكومات عربية عديدة، ونعلم أن شعب السودان لا يقبل بالتطبيع مع (إسرائيل)، ولكنه أيضًا لا يملك القدرة على منع الرئيس وقائد الجيش من التطبيع، والرئيس يحتج أمام الشعب بتطبيع بلاد عربية عديدة، ويقدم التطبيع على أنه الخيار الوحيد للخروج من دائرة العقوبات الأميركية على السودان.
إنه بغض النظر عن حجج حكومات التطبيع فإن الشعوب ستبقى مدافعة عن إسلامية فلسطين، وحقوق الشعب الفلسطيني، ولن تبيع فلسطين بمصالح زائفة مع (إسرائيل)، ولكن المؤلم في القصة أن عاصمة اللاءات العربية ( لا للاعتراف بإسرائيل، لا للسلام مع إسرائيل، لا للتطبيع مع إسرائيل) هي العاصمة التي تقفز عن تاريخها وتاريخ شعبها، وتحمل (إسرائيل) لا للخرطوم وحدها، بل ولبقية دول القارة الإفريقية، في صفقة هزيلة على المستوى الوطني مع أميركا.
تطبيع السودان مع (إسرائيل) لن يفيد السودان، ولن يعزز مصالح السودان، بل سينشر الموساد رجاله وعملاءه في السودان، وستكون السودان مركزًا للمؤامرات الإسرائيلية في القارة الأفريقية، وكلنا يعلم أننا نحن الفلسطينيون لم نجنِ شيئًا من حقوقنا في التطبيع مع (إسرائيل)، وكذا الحال مع مصر والأردن، بل إن (إسرائيل) ما فتئت تتآمر على هذه الدول بأشكال مختلفة.
السودان لن يحصل بالتطبيع على ما يريده، وكذا "تشاد" لن تحصل على ما تريده، وكل ما يجري الحديث عنه من المصالح المرتبطة بالتطبيع هي أوهام تنسج خيوطها تل أبيب، ويحبك ثوبها البيت الأبيض، ومن لا يحسن قراءة التطبيع مع مصر والأردن، والسلام والتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، لن ينتفع بهذه التذكرة في مقال مقتضب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.