ثمة حراك مصري أردني بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية والفصائل. الحراك يبدو مكثفًا ومهمًا وهو بقيادة المخابرات العامة بمصر والأردن. الحراك المكثف والمهم جاء بعد مجزرة جنين، وانتقام القدس لجنين. وجاء بعد زيارة قادة أميركيين منهم (جيك سوليفان) مسؤول الأمن القومي، (وبلينكن) وزير الخارجية الأميركية للمنطقة. يبدو أن الزائر الأمريكي قد طلب هذا الحراك العاجل والمكثف، وهو حراك تتطلبه حالة التصعيد القائمة بين (إسرائيل) والفصائل، أي هو حراك يقتضيه الواقع، وتطلبه أمريكا، وترحب به تل أبيب.
أمريكا تريد تهدئة مع السلطة وغزة ومع المسجد الأقصى، لأن ذلك يمنحها فرصًا أفضل في مواجهة إيران، وروسيا، ويعزز علاقتها مع السعودية. حكومة نتنياهو تقرأ جيدًا الموقف الأمريكي، وهي لا تغامر بإغضاب أمريكا، ولكنها تستثمر المطالب الأمريكية باتجاه إجراءات أمريكية تتوافق مع الإجراءات الإسرائيلية في ملفي السعودية وإيران.
حكومة نتنياهو الحذرة من سياسة بايدن، وتأكيداته على حل الدولتين حصلت فيما يبدو على جلّ ما تريد من أمريكا في الملفات المطروحة للنقاش. حصلت على دور مصري أردني نشط في مجال تثبيت التهدئة مع غزة، وفي مجال مواصلة السلطة للتنسيق الأمني، وكشف القنابل وتبادل المعلومات.
وحصلت على تأييد أمريكي لضربات إسرائيلية تحذيرية في العمق الإيراني، وحصلت أيضًا على سفارة لتشاد في (إسرائيل)، وحصلت على زيارة تطبيع مهمة (لكوهين) وزير الخارجية للخرطوم، حيث التقى الرئيس البرهان، واتفقا على تسريع اتفاق السلام والتطبيع، ومن المعلوم أن أمريكا هي الجهة الضامنة، وهي الجهة التي ستلبي مطالب تشاد والخرطوم في مقابل التطبيع.
إن القراءة العميقة للمشهد، وما سكنه من حراكات، تقول إن حكومة نتنياهو ابن غفير حصلت على جل ما تريده من أميركا والأطراف الأخرى، وهي لم تخسر شيئا، ولم تقدم للفلسطينيين تنازلًا يذكر، وهي حريصة على استبقاء المنطقة تحت تهديد الانفجار، لذا هي تكثر من الحديث عن شهر رمضان القادم في نهاية شهر مارس، وكأن الفلسطينيون هم من يهددون المنطقة بالتفجير وعدم الاستقرار.