أحدثت العملية التي نفّذها الشهيد البطل خيري علقم في قلب حي استيطاني شمالي القدس المحتلة وأدت إلى قتل 7 مستوطنين وجرح 10 آخرين شرخاً كبيراً في النظام الأمني الإسرائيلي، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن حصيلة هذه العملية من القتلى هي الأخطر من نوعها منذ عام 2008، وما زاد من ذهول وجنون نظام الاحتلال بأن الشهيد خيري لا ينتمي إلى أي حزب وفصيل فلسطيني وملفه الأمني خالٍ من أي مما يسميها الاحتلال "مخالفات وتجاوزات" تصنفه في دائرة الاشتباه في خطورته على الأمن الإسرائيلي.
ولعل هذه العملية النوعية التي نفذها الشهيد خيري علقم تعيدنا إلى الوراء لعدد من الأبطال الذين أعادوا القضية الفلسطينية إلى المشهد من جديد وتسببوا في إعادة نظام الاحتلال حساباته بشأن القضايا التي تتعلق بحقوق الفلسطينيين وما يمارسه الاحتلال من تنكيل وقتل وهدم منازل وتضييق عليهم، جعل الحليف الأمريكي للصهاينة يتبنى مسألة التهدئة بين الطرفين والدعوة لما يسمونه "كذبة" حل الدولتين!.
وما يؤرق الاحتلال هو احترافية وإتقان تنفيذ العمليات من قبل ما يسمونهم "ذئاب منفردين" والذين لا علاقة لهم بانتماءات لفصائل وأحزاب، وإنما تتوقد فيهم روح المقاومة التي تولدت من رحم معاناتهم مع المحتل وما يمارسه من أصناف القتل والتنكيل ومصادرة الأراضي وهدم المنازل، وهي أساليب يظن المحتل الصهيوني أنها ستحقق أهدافه المنشودة بتوسيع رقعة الدولة الصهيونية وإحلال المستوطنين محل السكان الأصليين الفلسطينيين وطردهم لأماكن أخرى تمهيداً للانتقال إلى المرحلة التي تليها باستخدام نفس الأساليب والمنهج الاستيطاني!.
ومن غرائب الصدف أن تفتح عملية القدس صفحة ظن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المعروف بتطرفه وعنصريته أنها طُويت منذ ربع قرن، حيث إن الشهيد خيري علقم هو الحفيد الذي أسماه أبوه على جده خيري علقم (51 عاماً) والذي قتله المستوطن المتطرف حاييم بيرلمان عام 1998 في أثناء توجهه لعمله قرب مستوطنة راموت في القدس، حينها تولى المحامي بن غفير الدفاع عن القاتل المتطرف، ونجح في تخليصه من القضية بدون إدانة وتم إغلاق ملف الجريمة، وبعدها بـ 25 عاماً لم يخطر في بال الوزير المتطرف "محامي بيرلمان حينذاك" بأن حفيد المغدور خيري علقم سينفذ هذه العملية ويرد على قتل جده وكل الضحايا الفلسطينيين بقتل 7 مستوطنين صهاينة.
وبالرغم من تحكم نظام الاحتلال الصهيوني بخيوط السلطة الفلسطينية وما يسمونه بالتنسيق الأمني الذي لا يهدف إلا للحفاظ على أرواح المستوطنين واستتباب الأمن في الأراضي المحتلة، إلا أن هذه العمليات النوعية التي ينفذها أبطال فلسطين أفسدت هيمنة قوى الاحتلال وداعميهم وتحكمها على السلطة الفلسطينية بتغيير دراماتيكي لقواعد اللعبة واتخاذ أساليب مقاومة جديدة ونوعية لم تخطر على بال المحتل الصهيوني وستزيد من تعقد الوضع الأمني وخلق تذمر وعدم رضا لدى المستوطن الصهيوني الذي لا تختلف وجهات نظره عما تمارسه وتخطط له حكومة نتنياهو المتطرفة والتي تسعى لتهويد القدس وزيادة حجم المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فاصلة أخيرة
شهادة المرأة الإسرائيلية بما قاله الشهيد خيري علقم في أثناء تنفيذه عملية القدس عندما مر من أمامها وتوسلت إليه ألا يقتلها حين اقترب منها، فقال لها إنه لا يقتل النساء وأكمل طريقه…
هذه الشهادة دليل على أن انتقام الشهيد خيري لشهداء مدينة جنين وكل الشهداء الفلسطينيين ليس إرهاباً كإرهاب الصهاينة الذين لا يفرقون في مجازرهم بين نساء وأطفال وشيوخ، هذه هي روح المقاومة الفلسطينية النابعة من شريعتنا السمحاء.