معركة جديدة يخوضها الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، لاسترداد كرامتهم وحقوقهم والمطالبة بتراجع إدارة السجون عن إجراءاتها القمعية بحقهم، والتي تهدف للتنكيل بهم، والمحاولة عبثًا لكسر إرادتهم، وإن العدوان الصهيوني المتكرر على الأسرى الفلسطينيين هو عدوان همجي وبلطجي وحماية أسرانا وإسنادهم ودعم صمودهم واجب شرعي، فالأسرى يمثلون قضية إنسانية جامعة ودفعوا ضريبة وطنية بكرامتهم وجهادهم لتجسيد الثورة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني لم يسجل على نفسه أن ترك أسراه البواسل في معركتهم مع العدو، والاعتداء الوحشي والإجرامي الذي تمارسه إدارة السجون الصهيونية على الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون بالغاز المسيل للدموع والضرب بالهراوات وعزلهن بعد سحب مقتنياتهن يعد جريمة كبرى لا يمكن السكوت عليها، والرد عليها قاسٍ ومرهون بحجم معاناة أسرانا بين قلق وتوتر وخوف يرافقهم دائمًا داخل المعتقلات في ظل الاقتحامات والاعتداءات التي تنفذها إدارة سجون الاحتلال ووحدات القمع التابعة لها.
تمارس إدارة السجون الصهيونية اعتداءاتها الإجرامية بحق الأسيرات الفلسطينيات القابعات في أقسام النساء بحجة الدواعي الأمنية، ولكنها تهدف الانتهاكات لفرض سياسات إضافية عليهن، منها العزل الانفرادي والانصياع للأوامر التي تنتهك خصوصية تلك الأسيرات الفلسطينيات كونهن نساء، وهذا اختراق أمني واضح ترفضه الحركة الأسيرة بشكل قاطع، كما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف بحق الأسرى، وجريمة جديدة تُسجل وفق القانون الدولي الإنساني، أوضاع الأسيرات سيئ جدًا داخل سجن الدامون تحديدًا، بعد الاعتداء عليهن وعزل عدد منهن، ويعانين الآن معاناة السجان والهوان ومعاناة العزل والتعذيب المعنوي ومعاناة البرد والصقيع، ولهن خصوصيات يمنع التدخل بها كون الخصوصية حق تتمتع به الأسيرة في الغرف الخاصة، والأسيرات اعترضن مؤخرًا على وجود الكاميرات داخل الغرف، ومنذ أعوام لم تشهد الأسيرات حملة وحشية كهذه الحملة، حيث يجب أن يكون هناك إصرار للسماح باستئناف زيارة الأسيرات بذويهم ومعرفة أوضاعهن نتيجة خطورة الاقتحام المفاجئ وتفعيل قضيتهن والوقوف بجانبهن، وإنهاء معانتهن المستمرة داخل سجون الاحتلال.
الواضح من سياسة الاحتلال أنه لا يعطي الحقوق الأساسية للأسير إلا إذا انتزعها الأسير انتزاعًا، وهذه قاعدة عامة لا تتخلف في كل مراحل حياة الأسرى، وكل ما حققه الأسير من إنجازات كان بالضغط والنضال وبالأمعاء الخاوية والتهديد بإشعال السجون لذا يجب تضافر كل الجهود الوطنية والرسمية والشعبية نصرة للأسيرات الماجدات والأسرى البواسل في معركتهم ضد القمع والتنكيل والظلم الذي يتعرضون له من إدارة السجون الصهيونية.
الاعتداء على الأسيرات يؤكد أن الاحتلال فقد صوابه ويتخبط بقراراته، نتيجة سياسته العنصرية، فما يحصل للأسيرات والأسرى داخل السجون هو جزء من سياسة حكومة نتنياهو وبن غفير الفاشية التي توعدت الأسرى بالويلات والعقوبات في محاولة لكسب ود مجتمعهم الصهيوني المنقسم على نفسه، فهذه الاعتداءات المتكررة تثبت فشل الحكومة في فرض الأمن للمجتمع الصهيوني، بعد الضربات الموجعة التي وجهتها المقاومة مؤخرا وأوجعت الكيان، حيث كشف نادي الأسير الفلسطيني أن إدارة سجن الدامون نفّذت عمليات قمع واعتداء واسعة ضد الأسيرات، إذ حوّلت غرفهن إلى زنازين بعد تجريدهنّ من جميع مقتنياتهن داخل الغرف، كما وشهدت السجون الإسرائيلية خلال الأيام الثلاثة الماضية، حالة من التوتر الشديد، بعد عمليات اقتحام نفذتها قوات الاحتلال، في عدة أقسام بسجون (عوفر، والنقب، ومجدو، والدامون)، رافقها عمليات اعتداء واسعة على الأسرى، وعزل العشرات منهم بشكل جماعي، وتجريدهم من مقتنياتهم ومستلزماتهم الأساسية. ويواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقال (29) أسيرة يواصل الاحتلال الإسرائيليّ اعتقالهنّ في سجن "الدامون"، بينهنّ ثلاث قاصرات و(7) أمهات. وتعد الأسيرة ميسون موسى هي أقدم الأسيرات في سجون الاحتلال، معتقلة منذ عام 2015، ومحكومة بالسّجن لمدة 15 عامًا، أما الأسيرة إسراء جعابيص، التي تعاني من تشوهات حادة في جسدها، من جرّاء تعرضها لحروق خطيرة، أصابت 60% من جسدها، بعد أن أطلق جنود الاحتلال النار على مركبتها عام 2015، ومع نهاية عام 2022، وصل عدد الأسرى الذين ما زالوا في السجون الإسرائيلية 4700، بينهم 29 أسيرة، و150 طفلًا وطفلة، ونحو 850 معتقلًا إداريًّا، و15 صحفيًّا و5 نواب في المجلس التشريعي.
قضية الأسرى قضية إنسانية وشعبية ورسمية يجتمع الإقليم حولها لأهميتها وخطورتها، فالتاريخ يعيد نفسه، والعدو يترقب حوله، والشعب يجمع على كلمة واحدة حول حرائرنا وأسيراتنا، أحداث متسارعة يعيشها شعبنا الفلسطيني لكنها غير معتادة وليست متوقعة، فمن جانب العدو يستمر الاحتلال الصهيوني انتهاكاته في الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء في أراضي الـ48 أو الضفة الغربية، وقرارات الحكومة المتطرفة بإعدام الأسرى وتهجير ذوي منفذي العمليات الفدائية وهم وسراب، وربما كان رسالة من الاحتلال الصهيوني أنه يستطيع حكم الضفة والقضاء على العمل المسلح للمقاومة الفلسطينية، وهذه الاعتداءات ما هي إلا لكسب ماء وجهه الخائب والزائف كالمنتصر أمام عائلات جنوده الأسرى، ولكن الحقيقة التي تخفى عن هذا الجيش المنهزم والحكومة الفاشية، أن المقاومة بالمرصاد وتعلم أن أهدافه حسرة وخسارة سترتد عليه مضاعفة بجهود الأبطال الذين يبشروننا بأعمالهم البطولية أمثال عدي التميمي وخيري علقم وضياء حمارشة ورعد خازم هؤلاء أصبحوا قدوة للجيل الفلسطيني الصاعد الذي يسطر أروع صور ملاحم البطولة والرجولة في وجه المحتل هؤلاء لا يتراجعون أو يتنازلون ويعشقون الشهادة على تراب الوطن فداء للمقدسات فما بالكم بأسيراتنا وحرائرنا سيكون الرد موجعًا وقاسيًا فليحذر ويترقب.