رفضت عائلة المعارض السياسي الراحل نزار بنات، ادّعاء طبيب أردني في الجلسة الماضية لمحاكمة قتلة ابنها، أول من أمس، أنّ وفاته كانت "طبيعية"، في حدثٍ مُنافٍ لما تملكه من وثائق وتقارير رسمية تثبت اغتياله على يد قوة من أجهزة أمن السلطة.
وبيّن غسان بنات شقيق الشهيد نزار، أنّ محامي الدفاع عن قتلة شقيقه استعان في جلسة المحكمة العسكرية الخاصة ومقرها مدينة رام الله، بالطبيب الشرعي الأردني عدنان عباس، من أجل تقديم "تقرير خبرة" حول الحالة الصحية لنزار قبل اغتياله.
ادعاءات باطلة
وادّعى عباس الذي يرأس قسم الطب الشرعي في إحدى مستشفيات الأردن، في بينته الدفاعية أنّ سبب وفاة نزار "يعود إلى هبوط في القلب وجهاز التنفس".
وردَّ بنات في تصريح لصحيفة "فلسطين"، على ادّعاء عباس قائلًا: إنّ "ما صدر عنه لا يعنينا ولا نكترث به وهو صادر عن عابرون في كلام عابر، مع العلم أننا نمتلك السجل الطبي الصادر من مستشفيات الضفة الغربية لحالة نزار".
وحصلت "فلسطين" على نسخ من التقارير الطبية الرسمية الصادرة عن مستشفيات الضفة الغربية قبل اغتيال نزار وتؤكد أنه لا يعاني من أمراض، كما حصلت على نسخ من تقارير طبية أخرى تثبت وحشية الاعتداء الذي نفّذه مجموعة مؤلفة من 14 من مرتبات جهاز الأمن الوقائي في الخليل، ما أدّى إلى اغتياله بعد اعتقاله.
اقرأ أيضًا: الحقوقي كراجة يتوقع تبرئة قتلة "بنات" أمام محاكم السلطة
وبيّن أنّ هذه التقارير تفيد بأنّ الحالة الصحية لنزار قبل اغتياله سليمة تمامًا، وقد ترجمت العائلة سجله الطبي بثلاث لغات ووزّعته على العديد من الجهات الدولية، إضافة إلى أنها أرفقته بملف القضية بمحكمة الجنايات.
ونبَّه إلى أنّ مجريات المحاكمة وخاصة ما حدث في الجلسة الماضية يؤكد صحة قرار عائلة الشهيد بنات بالانسحاب من المحكمة والتوجه للقضاء الدولي بعد أن حصلت على تأييد المجتمع المحلي والدولي لقرارها.
وتابع: "ما تحاول السلطة ترويجه لا يؤثر على مسيرتنا مهما جلبت من عملاء ومرتزقة ولكن ليس من صلاحيات أحد مهما كان موقعه أو اسمه أن يقوم بتوصيف وضع نزار الصحي".
وتعهَّد بالعمل على محاسبة الطبيب الأردني داخل حدود بلاده، مدينًا صمت الحكومة الأردنية على أقوال أحد موظفيها، مضيفًا: إنّ "ذلك دليل تورط حكومة الأردن في دم نزار بنات، ولنا إجراءاتنا من ذلك".
ونبَّه إلى أنّ البينة المُقدّمة من النيابة العسكرية وتتمثل بتقرير الطب الشرعي الرسمي، يحتوي على تقرير المختبر الجنائي الأردني، وهذه البينة لا تُدحض إلا ببيّنة أعلى منها أو تُعادلها، وهذا ما لا يمكن تحقيقه أبدًا خاصة أنّ جثمان الشهيد لم يقم بفحصها أو تشريحها طبيب أو شاهد أو غيره بعد دفنها.
سابقة خطيرة
وبيّن أنّ جثمان نزار لم يشارك أحد في تشريحه غير الأطباء الذين وقّعوا على التقرير، علاوة على أن تشريحه كان بناءً على المشاهدة والفحص والخبرة، ولا يمكن أن يرقى لها دليل إنشائي أُعدّ في مكتب دون مشاهدة وفحص الجثمان، وهو ما يدحض ادّعاءات الطبيب الأردني.
كما عدَّ بنات ما حدث في المحكمة "سابقة دولية خطيرة في مجال القضاء جلبت العار لقتلة نزار، ومحاولة لتشريع القتل السياسي الذي يمنح المجرم في أيّ جريمة استحضار أيّ طبيب من أجل نقض تقرير تشريح رسمي".
وتابع: إنّ "ذلك دليل على حالة الانفلات الأمني والقتل السياسي في الضفة الغربية"، مشيرًا إلى أنّ نزار لن يكون أول وآخر حالة، فقد سبقته المهندسة نفين العواودة في 2017، وتلاه محاولة اغتيال الأكاديمي المعروف د. ناصر الدين الشاعر.
وأكد بنات أنّ العائلة تعوِّل على محكمة الجنايات الدولية بعد أن رفعت القضية إليها في منتصف ديسمبر/ كانون الثاني 2022، من خلال محاميها "هاكان كاموز" الذي يعمل لصالح مكتب "ستوك وايت" في لندن، لبدء تحقيق دولي في اغتيال نزار يوم 24 يونيو/ حزيران 2021.
اقرأ أيضًا: عائلة المغدور نزار بنات تنتظر بدء تحقيق الجنايات الدولية باغتياله
وأكد بنات أنّ انسحاب عائلة بنات ومحاميها غاندي الربعي من المحكمة العسكرية التابعة للسلطة لا يعنيها أنها تقبل جلب أشخاص لا علاقة لهم بالقضية للإدلاء بشهادات وإفادات دون اطّلاع على مجريات القضية أصلًا.
وشدَّد على أنّ العائلة لن تقبل بالنتائج الصادرة عن المحكمة العسكرية بشأن القتلة المُفرج عنهم.
وكان مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة" مهند كراجة، قد توقع في تصريح صحفي أدلى به لـ "فلسطين"، بعد جلسة الأحد الماضي، أن تلجأ المحكمة العسكرية التابعة للسلطة في رام الله، إلى تبرئة قتلة نزار.