بلينكن وزير الخارجية الأميركية في المنطقة. الوزير التقى الرئيس المصري، ونيتنياهو، ولبيد، ومحمود عباس، كل على انفراد. بلينكن قال لعباس: لساننا معكم، وقلبنا مع (إسرائيل). نحن نقول بلغة صريحة أميركا مع حلّ الدولتين، وعمليا نحن مع (إسرائيل) وأمن (إسرائيل)، وتفوق (إسرائيل) على كل جيرانها.
موقف بينكن وموقف إميركا الاستراتيجي من (إسرائيل ) شرحه لبيد في رده على وزيرة الاستيطان والمهام الوطنية ( أوريت ستروك) حين طلبت في تغريدة لها من بلينكن: عدم التدخل في شئون ( إسرائيل)؟! حيث قال لبيد في رده عليها :" التدخل الأجنبي الأميركي الذي تتحدث ضده الوزيرة ستروك يشمل (٣٨) مليار دولار، تمويل بطاريات القبة الحديدية، ومروحيات أباتشي، وطائرات إف ٣٥ التي يفترض أن تهاجم إيران". " يحب أن نفعل كل شيء للخفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة".
هل قول بلينكن لعباس : نحن مع حلّ الدولتين يتساوى مع (٣٨) مليار دولا، وقبة حديدية، وطائرات؟! عباس يعلم أن هذا لا يتساوى البتة، ولكنه ما زال يتعلق بحبل مقطوع، ويبلغ (بيرنز) وزير المخابرات الأميركي أن التنسيق الأمني حول تبادل المعلومات الأمنية ما زال قائما وفعالا ولم يتوقف.
يقول بلينكن مخاطبا نيتنياهو:" إن ما يجعل شراكتنا قوية للغاية هو المصالح المشتركة والقيم المشتركة وخاصة دعم المؤسسات الديمقراطية وحماية حقوق الأقليات، وسيادة القانون، وحرية الصخافة، وتعزيز المجتمع المدني"؟!
إذا كانت هذه الشراكة الأميركية الإسرائيلية تقوم على هذه القيم كما يفهمها الطرفان، فأين شراكة أميركا مع محمود عباس وسلطة الحكم الذاتي؟! إنه إذا لم تكن ثمة شركة فلماذا يثق عباس بكلام إنشائي حول حلّ الدولتين؟! هذا الحلّ مات، ودفنته جرافات الاحتلال، ولا يمكن لأميركا أحياء ميتا أبدا؟!
زيارة بلينكن للمنطقة ليست لعباس، وليست لحلّ الدولتين، إنها لتل أبيب، ولترسيخ الشراكة مع تل أبيب لمواجهة تقلبات المنطقة والعالم، ولحماية دولة (إسرائيل) من نفسها، أي من التطرف الذي دخل للحكومة وللكنيست، والذي يهدد بإضعاف الدولة وتمزيقها من الداخل.
الشيء الوحيد أمام عباس هو الاستيقاظ من أحلام راودته سنين ولم تتحق، وبعد الاستيقاظ يجدر به الاعتذار عما مضى، ثم جمع الشعب والفصائل على طريق ذات الشوكة، وإن كانت طريقا صعبا وذا كلفة، أو التنحي والاعتزال؟!