خيري علقم 21 عامًا من سكان الطور في شرقي القدس، وصل الساعة الثامنة والربع من مساء يوم الجمعة الموافق 27/1/2023م، ونزل من مركبته وأطلق النار من مسدسه على مستوطنين في مستوطنة النبي يعقوب، التي يقطنها يهود الحريديم والمنتمي أغلبهم لحركة شاس المتطرفة، وبعض اليهود من المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي سابقًا، وأسفرت العملية عن مقتل سبعة مستوطنين وإصابة آخرين.
السؤال المطروح: ما هي أسباب ودوافع منفذ العملية؟ وما هي التداعيات المحتملة؟
ثمَّ مجموعة من الأسباب والدوافع هي المحرك الحقيقي للشهيد خيري أهمها:
1.ما يقوم به الاحتلال من إجراءات على الأرض لتهويد القدس والمسجد الأقصى، والاستفزازات المتكررة من المستوطنين والشرطة الصهيونية ووزراء الحكومة وعلى رأسهم بن غفير، كلها عوامل تستنفر كل حر على هذه الأرض.
2.سلوك الاحتلال في الضفة الغربية ومجزرة جنين على وجه الخصوص التي سبقت العملية فقط بأقل من 24 ساعة، لتؤكد أن دماء الشهداء لن تضيع هدرًا، وأن الثأر المقدس ما يزال قائمًا وسيبقى كذلك طالما بقي الاحتلال.
3.انسداد الأفق السياسي يعزز من زيادة العنفوان الثوري واحتضان المقاومة بكل أشكالها.
4.ازدواجية المعايير التي يتبناها المجتمع الغربي في التعاطي مع (إسرائيل)، وهنا لا أقارن بين التعاطي الغربي مع الحرب الروسية الأوكرانية والقضية الفلسطينية وهي أكبر شاهد على سياسية الكيل بمكيالين، ولكنني فقط سأتناول تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي وصف العملية بأنها تستهدف المجتمع المتحضر، وهي رسالة ضمنية تعزز من ازدواجية المعايير والتمييز بين الفلسطيني والإسرائيلي، وكأن بايدن يريد أن يقول لنا أن من استشهد في جنين مؤخرًا هم من المجتمع السفلي، ونسي بايدن أن جريمة جنين في مناطق A الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو، وعليه فإن المقاومة بكل أشكالها بمقياس القانون الدولي مشروعة.
5.الاحتلال زرع وما زال يزرع الألم والحسرة في قلوب الفلسطينيين وعليه سيحصد الألم والحسرة.
التداعيات المحتملة:
عملية القدس جاءت في وقت حساس للغاية، داخل (إسرائيل) مسيرات حاشدة ضد حكومة نتانياهو، قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الأمريكي، وبعد ساعات على قرار قيادة السلطة باتخاذ قرارات أهمها: وقف التنسيق الأمني مع (إسرائيل).
وهو ما يعقّد من مهمة نتانياهو الذي أصدر مكتبه بياناً بعد انتهاء جلسة الكابنيت جاء فيه: ستتخذ خطوات لتعزيز المستوطنات في الضفة الغربية، وإغلاق منزل منفذ العملية في القدس على الفور تمهيدًا لهدمه، وحرمان عائلات المنفذين من ما تُعرف بالحقوق في "التأمين الوطني" ومزايا أخرى، وفي جلسة المجلس أمس الأحد مناقشة مشروع قانون يقضي بسحب بطاقات الهوية لأسر المنفذين، كما قررت الحكومة اتخاذ خطوات لتسريع وتوسيع نطاق ترخيص الأسلحة النارية للمستوطنين، وتعزيز الشرطة والقوات العسكرية لغرض الاعتقالات واسعة النطاق والعمليات المستهدفة لجمع الأسلحة التي وصفها "غير المشروعة".
ما سبق هي قرارات المجلس الوزاري المصغر، ويبقى السؤال هل ستردع تلك الإجراءات الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال والدفاع عن أنفسهم؟ بالتأكيد، لا، بل على العكس ستزيد تلك الإجراءات من حجم ردود الأفعال فلسطينيًا، وفي تقديري أن أهم رسالة كانت تقف خلف حجم التفاعل مع عملية خيري علقم، هو نجاح العملية ومكانها وتوقيتها، وكأنها رسالة لكل مقاتل بأن يختار هدفه بعناية بما يؤلم (إسرائيل)، ويرغمها على إنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية.