فلسطين أون لاين

غوتيريش وانعدام التوازن

في زيارته إلى المنطقة حاول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يكون متوازنًا نوعًا ما، خاصة حين أشار إلى رفضه مشاعر الكراهية تجاه الإسلام مقابل رفضه العداء لـ"السامية" في أثناء وجوده بمتحف المحرقة المزعومة، وكذلك كان انتقاده للتعامل غير الإنساني مع قطاع غزة محل تقدير، فضلًا عن تمنياته بقيام دولة فلسطينية في أراضي السلطة الفلسطينية.


الإشارات الإيجابية من الأمين العام للأمم المتحدة للفلسطينيين لم تكن كافية للتغطية على تحيزه وتحيز الأمم المتحدة إلى جانب المحتل الإسرائيلي، إذ رفض الحديث إلى ذوي الأسرى الفلسطينيين الذين كانوا بانتظاره، في الوقت الذي جلس فيه مع ذوي جنود الاحتلال الأسرى لدى حماس واستمع إلى مطالبهم، وزار متحف المحرقة المزعومة في الكيان الغاصب، وقد حدثت قبل تأسيسه، ولم يحاول زيارة الآثار التي تملأ غزة بسبب المحرقة التي ارتكبها كيان الاحتلال خلال سنوات الحصار.


الأمين العام للأمم المتحدة قام بزيارة نفق يدعي الاحتلال أنه من أنفاق القسام الهجومية، ولا أدري ما الذي يثبت له أنه ليس نفقًا إسرائيليًّا، ولكن الفكرة أنه يصدق كل ما يقدمه له المحتل الإسرائيلي، ويشكك في كل ما يتحدث به الفلسطينيون في غزة أو الضفة الغربية.


قال غوتيريش في مؤتمره الصحفي في غزة: "إن الحلول التي يتعامل بها مع أزمات غزة ليست إنسانية"، وعندما يتحدث عن أزمات فهو يقصد آثار الحصار، مثل أزمة الكهرباء والوقود والغذاء والدواء، لا الحصار نفسه، وهو بذلك يدعو إلى استمرار الحصار على طريقة "القتل الرحيم" و"الإبادة الناعمة".


ونحن بدورنا نؤكد أن غزة ليس لديها سوى مشكلة واحدة، ليس لها إلا حل واحد، الحصار هو المشكلة، ورفعه هو الحل الوحيد، وما عدا ذلك إنما استمرار في جريمة ضد الإنسانية يرتكبها الاحتلال منذ ما يزيد على عقد من الزمن، وتشارك بها كل دولة لا ترفض الحصار ولا تسعى إلى إنهائه.


الأمين العام للأمم المتحدة ناشد الشعب الفلسطيني تحقيق الوحدة وفق الخطوط التي وضعتها منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا يشير نوعًا ما إلى طبيعة المصالحة التي ترغب بها الولايات المتحدة الأمريكية وتحدثت عنها في المقال السابق، وأيضًا يثبت أن الغربيين يمارسون الديمقراطية في بلادهم وينادون بعكسها في بلادنا، ولا أعتقد أن غوتيريش يسمح لأحزاب برتغالية صغيرة مثل الحزب الاشتراكي البرتغالي أو حزب الشعب أن تقود البرتغال كرهًا بشكل يخالف الدستور، ليطالب بإلزام الشعب الفلسطيني بخطوط وبرامج أحزاب منظمة التحرير، التي لم تحرز أغلبية في آخر انتخابات فلسطينية، غير أن ذلك يدخل في إطار الشأن الداخلي الفلسطيني، ولا يحق لأي ضيف أجنبي أن يتدخل فيه.