يبدو أن عام ٢٠٢٣م سيكون عامًا قاسيًا، حكومة يمينية متطرفة في (إسرائيل)، هي الأكثر تطرفًا وعنصرية من كل الحكومات التي سبقتها، ومفاوضات متوقفة منذ سنوات، ولا أفق لها أو لتجددها، فقد قضى عليها الإسرائيلي بالموت، والمقاومة الفلسطينية تجد نفسها تتحمل جميع الأعباء، وعلى غزة أن تتحمل جنين ونابلس والقدس، فالهم واحد، وقد ألزمت نفسها بهذه الإستراتيجية في معركة (سيف القدس عام ٢٠٢١م)، ومن الطبيعي أن يستمر هذا الالتزام.
الخميس ٢٦/١/٢٠٢٣م اقتحمت قوات صهيونية مخيم جنين، فقتلت عشر شبان وامرأة في الستين من العمر، وأوقعت عشرات الإصابات، فمثل الاقتحام مجزرة جديدة تضاف إلى مجاز (إسرائيل) المتكررة ضد شعبنا الفلسطيني.
وبحسب المجزرة نشرت الصحف العبرية أرقاماً إحصائية ذات دلالة على الوضع القاسي المحتمل في هذا العام فقالت: في عام ٢٠٢١ قتلت (إسرائيل) (٨٠) شخصًا، وفي عام ٢٠٢٢م قتلت حكومة التغيير في (إسرائيل) (١٥٥) فلسطينيًا، وفي شهر يناير عام ٢٠٢٣م الذي لم ينتهِ بعد قتلت حكومة نتنياهو-بن غفير (٣٠) شخصًا!
إن قراءة في هذه النسب تكشف أن قتل الفلسطينيين يتزايد كثيرًا في هذا العام مع وجود حكومة تتنافس مكوناتها الحزبية على قتلنا، حتى إن كانت النسب تقول: إن حكومة التغيير (لبيد -بنيت) كانت حكومة قتل وتطرف، وإنه لا فرق بين حكومات الدولة العبرية في الموقف من قتل الفلسطينيين، والتوسع في الاستيطان.
السؤال الذي تثيره هذه القراءة يقول: ما الذي يمكن أن يفعله الفلسطينيون في مواجهة هذا التطرف؟ بالأمس قدم محمود عباس ردًا زعم فيه أنه يعلن وقف التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، ولكن محمد دحلان الخبير بعباس والسلطة استخف بهذا الإعلان، وقال عنه إنه مناورة تغطي بها شخصيات من السلطة تنسيقها مع (إسرائيل) في اقتحام جنين وارتكاب هذه المجزرة البشعة.
هذا وقد عزز الإعلام العبري اتهامات دحلان للمتواطئين، بقوله: إن السلطة لم تبلغ حكومة (إسرائيل) رسميًا بهذا الموقف، وقد سمعنا عن وقف التنسيق في الإعلام فقط، وقد قالته السلطة قبل ذلك مرارًا، ولكنها واصلت التنسيق، والجيش يمكنه العمل في جنين ونابلس بدون تنسيق.
إن هذه المقدمات، وتلك المقاربة تعني للأسف أن غزة والضفة تواجهان عامًا قاسيًا، يعلو فيه التطرف، وفيه تسفك الدماء، ويتسع الاستيطان، وفيه يفرض الواقع على غزة تحمل القيادة، وأعباء الضفة، والعمل في ساحات متوحدة، والحذر من الفخاخ الإسرائيلية.