بغض النظر عن أحكامهم، وبغض النظر عن أفعالهم، فما دامت هناك اتفاقية سلام بين الأردن والكيان، فالأصل أن يخرج كل الأسرى الذين يحملون الجنسية الأردنية من السجون الإسرائيلية، ولتأكيد هذا المنطق يكفي أن نشير إلى عدم وجود أي أسير إسرائيلي في السجون الأردنية، حتى أولئك الإسرائيليون الذين مارسوا قتل الأردنيين عمدًا أمام السفارة، غادروا الأردن إلى (إسرائيل)، دون أن يمسهم الضر، ولم يمس الضر اتفاقية وادي عربة، الموقعة بين الأردن العربي والكيان الصهيوني.
الأسرى الأردنيون في السجون الإسرائيلية وجهوا رسالة للخارجية الأردنية، تطالب بالعمل الجاد للإفراج عنهم من سجون الاحتلال، وأزعم أن هذه الرسالة على أهميتها، تضيّق متسعاً، فمسؤولية إطلاق سراح الأسرى الأردنيين لا تقع على عاتق الخارجية الأردنية فقط، فالمسؤولية يتحملها كل الشعب الأردني، وعلى رأسه الملك عبد الله الثاني، والحكومة الأردنية، والجيش الأردني، وكل الأجهزة الأمنية الأردنية.
تقول المعلومات الإسرائيلية: يوجد في السجون الإسرائيلية 18 أسيراً من حاملي الجنسية الأردنية، وإن هناك مقترحاً بنقلهم إلى سجون الأردن لإكمال مدة محكوميتهم، وفي هذا المقترح إهانة للأردن، إذًا كيف يطبق الأردن الأحكام الجائرة التي قضت بها محاكم الاحتلال؟ وهذا المقترح يذكرنا بدور السلطة الفلسطينية، التي كانت، وما زالت تعتقل النشطاء في سجونها، بناء على أوامر إسرائيلية، وفي هذا المضمار نستذكر غارة الجيش الإسرائيلي على سجن أريحا، سنة 2002، يومها اعتُقِل كل الموقوفين في سجن أريحا، وحوكموا أمام المحاكم الإسرائيلية، وما زال معظمهم أسرى في السجون الإسرائيلية حتى يومنا هذا.
وتقول المعلومات الأردنية: هنالك 20 أسيراً ومعتقلاً في السجون الإسرائيلية، بأحكام ومدد متفاوتة، أبرزها الحكم بحق الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بـ67 مؤبداً، على حين يعدّ محمد مهدي المعتقل الأردني الأصغر سناً، وهناك 25 أردنياً مفقوداً في (إسرائيل)، غالبيتهم من الذين قاتلوا مع قوات الجيش الأردني عام 1967، ومعركة الكرامة عام 1968، فأين هؤلاء الأسرى والمفقودون؟ وماذا يفعلون في السجون الإسرائيلية رغم وجود معاهدة "سلام" بين الجانبين؟
اقرأ أيضاً: الأسرى الأردنيون وعائلاتهم.. آثار مفقودة وزيارات مقطوعة!
لقد تجاهلت اتفاقية وادي عربة الموقعة 1994، الأسرى الأردنيون في السجون الإسرائيلية، تماماً كما تجاهلت اتفاقية أوسلو الموقعة 1993 الأسرى الفلسطينيين، وإذا اعتمدت الحكومات الأردنية والفلسطينية المنطق نفسه، الذي يقول: إن اعتقال هؤلاء الأسرى تم بعد التوقيع على الاتفاقيات! فإن منطق الأسرى يقول: إن مقاومة الاحتلال غير مقترنة باتفاقية، وبقاء الاحتلال بحد ذاته، تجاوز للاتفاقيات، ومحرض على فعل المقاومة، وهذا ما جاء في رسالة الأسرى الأردنيون، الذين قالوا: نحن ناضلنا من أجل حرية وكرامة هذه الأمة، عملاً بنصوص القانون الدولي، فكل ما فعلناه يقع تحت غطاء مقاومة المحتل، الذي أجازته كل القوانين الدولية، ونؤكد أننا أسرى حرب، ولسنا مجرمين كما يعاملنا الاحتلال.
الأسرى الأردنيون في السجون الإسرائيلية موزعون على عدة سجون، تبدأ من سجن نفحة، وحتى ريمون، وهداريم، وجلبوع، والنقب، وإيشل، ومجدو، وهذا يشير إلى أن العدو الإسرائيلي يتعمد تفريق السجناء الأردنيين عن بعضهم بعضًا، وعدم السماح لهم بالوجود في سجن واحد، بهدف تقطيع أواصر الترابط بينهم.
الأسرى الأردنيون يواجهون المصير نفسه الذي يواجهه الأسرى الفلسطينيون والعرب، وجميعهم يحذر من تطبيق قانون إعدام الأسرى، الذي يهدد حياة تسعة أسرى أردنيين، كما يهدد حياة المئات من الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد.
ملاحظة: الأسرى الفلسطينيون قد تشملهم اتفاقية تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، وسيُستثنى الأسرى الأردنيون، فالعدو لن يسمح برفع أسهم المقاومة لدى الأمة، ولن يفرط بورقة ضاغطة على الحكومة الأردنية.