فلسطين أون لاين

​تشوه خلقي دواؤه "التقبّل"

...
غزة - خاص "فلسطين"

أعاني من مشكلة في نمو يدي اليسرى، فهي تبدو كيد طفل صغير بسبب عيب خلقي، أعاني من حجمها الصغير دائمًا، وكان أهلي يصبرونني بأنها ستكبر عندما أكبر، ولكن الآن سني 15 عامًا ولا تزال على حالها، وهذا يجعلني حزينًا دومًا، أخجل من الناس بسبب هذه المشكلة، خاصة أن كثيرين يسخرون مني، وهذا يزيد من حزني وخجلي، وتفكيري بهذا الأمر يطول ويمتد إلى التفكير في مستقبلي، فمثلًا أفكر في أي مهنة سأعمل، وكيف سأتزوج ولن تقبل بي أي فتاة وأنا بهذا الحال، وهذا التفكير يشتت تركيزي ويؤثر على مستواي الدراسي، فما نصيحتكم لي؟

تجيب عن الاستشارة/ د. زهرة خدرج الكاتبة في العلوم الإنسانية:

لا داعي للحزن، عزيزي، ولا داعي للنظر إلى الأمور بسوداوية، ليس نهاية الدنيا أن تُبتلى بمشكلة كهذه، كثيرون يعانون من عيوب خلقية كحالتك بل أكثر إصابةً وأسوأ حالًا، وتراهم يعيشون بصورة طبيعية جدًّا وينجحون في حياتهم ويتميزون، فنرى كتَّابًا، وصحفيين، وأطباء، وأكاديميين، وعلماء ... إلخ من أصحاب الاحتياجات الخاصة، المشكلة تقع _عزيزي_ في طريقة تفكيرك لا حجم يدك.

مشكلتك بدأت عندما بث أهلك الأمل في نفسك عندما كنت صغيرًا بأن هذه اليد ستكبر ويصبح حجمها طبيعيًّا، وهذا شيء مستبعد، سامحهم الله.

أود تذكيرك بأن ما يجعلك تنجح في حياتك هي إرادتك وإصرارك على العمل ومثابرتك لا يدك، فما اليد إلا أداة للتنفيذ ليس أكثر ولا أقل، فإن حصرت تفكيرك في مشكلتك ضاقت الدنيا في عينيك واسودت وأصبحت محصورة فيما لا تملك، فلا تجعل هذه اليد محور حياتك.

‏لما كنت لا يمكنك أن تغيِّر في شكلك شيئًا، فالحل الأفضل هو أن تتقبَّل عيوبك،‏ فعندئذ لن ينتبه الآخرون إليها على الأرجح، وإن علق أحدهم عليها وسخر منها فتجاهل كلامه تمامًا ولا تلق له بالًا، وسيعلم حينها أنه لا يستطيع المساس بك بكلامه هذا، أما عندما يجدك الناس حساسًا تجاه ذلك فسيستغلون حساسيتك للإساءة إليك.

أود أن أطمئنك بأنه باستطاعتك ألا تجعل يدك تؤثر في مهنك وعملك المستقبلي، إن أحسنت اختيار تخصصك الدراسي ومهنتك، باختيارك مهنة لا تتطلب جهدًا من اليد المصابة، كمهنة التدريس مثلًا، وغيرها، اكتشف هواياتك واهتماماتك، واختار من بينها ما يلائم ظروفك.

أما الزواج فعندما يأتي وقته اختر الفتاة التي تقدرك لشخصك ‏لا شكلك، وأؤكد لك أن هناك فتيات حكيمات عاقلات يبحثن عن زوج يحققن برفقته السعادة الزوجية ولا يأبهن لشكله، وثق تمامًا أن الزواج رزق مقدر لك، واعلم أن رزقك ينتظرك، ما عليك إلا الصبر، والإيمان بالله، وتطوير نفسك، وتزويدها بالدين والقيم والمبادئ والأخلاق الحميدة، ولا تقلق الآن بشأن من ستقبل بك عندما يحين الوقت، لأنها الآن بانتظارك، ولكن عندما يأذن الله ويهيئ الظروف لذلك.

شيء أخير أود قوله لك: هل بيدك أن تغير شكلك؟، هل باستطاعتك جعل يدك تنمو وتصبح طبيعية المنظر؟

لاشك أنك ستجيبني بــ"لا".

وأنا أقول لك: إذن، ما عليك إلا تقبل العيب الذي ولدت به، فهنالك دائمًا أشياء لا تعجبنا في مظهرنا،‏ وبعضٌ منها ليس بيدنا أن نغيره، إذن لا يسعنا سوى أن نتقبَّله، فمن غير المنطقي أن نقلق بشأن ما لا يمكننا تغييره.

أتمنى لك التوفيق والسعادة والنجاح في حياتك.