فلسطين أون لاين

لم يبقَ منه إلا الذكريات والصور

تقرير المقدسي حسين قنبر عن هدم بيته قسرًا: الاحتلال انتزع روحًا مني

...
القدس المحتلة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

"هي أصعب لحظة في حياتي، حين جاءت الجرافة التي استدعيتها بنفسي لهدم منزلي، كأن المحتل انتزع روحًا مني"، كلمات ممزوجة بالقهر والشعور بالضعف، قالها المواطن حسين قنبر (48 عامًا)، من حي رأس العامود في بلدة سلوان بمدينة القدس المحتلة. 

اضطر قنبر إلى هدم منزله قسرًا، بعد أن أمهلته بلدية الاحتلال 21 يومًا لذلك، وفي حال عدم تنفيذه القرار بنفسه سيدفع تكلفة عملية الهدم لموظفي البلدية، بقيمة 80 ألف شيقل.

بعد سنوات من العيش بمساحة ضيقة، بنى عامل البناء منزله عام 2016، وامتدت أحلامه على مساحة 120 مترًا مربعًا، يعيش فيه هو وزوجته وأولادهما الخمسة، ويستقبل أيضًا بناته الأربعة المتزوجات وأولادهن.

اقرأ أيضاً: هدم مساكن في أرطاس ببيت لحم

تأخذه الذاكرة في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى بدايات تشييد "بيت العمر"، قائلًا: "كان يمثل كل شيءٍ، بنيته حجرًا حجرًا كوني عامل بناء، كانت فرحة أولادي كبيرة لحظة الانتهاء منه، والانتقال من مسكن ضيق إلى بيت نوعًا ما أكبر، لم تسعهم الفرحة يومها وبكوا من شدتها".

لكن عيونهم بكت مرةً أخرى، هذه المرة من شدة الحزن على فراق بيت لم يبقَ منه إلا الذكريات والصور، وهم يقفون فوق ركامه، لم يستطع إجابة حفيدته الصغيرة التي سألته: "أنت ليش بدك تهد الدار؟ ليش بدك تطلع منها؟" وترك الإجابة للزمن، حين اكتفى بتحديد المتسبب بجريمة التشريد.

وعلى الرغم من أن جدران البيت قد سويت بالأرض، لكن تكاليف بناء المنزل ما زالت تجثم فوق كاهله لسنوات قادمة، يوضح: "كلفني نحو 450 ألف شيقل، وإلى الآن أسدد الديون، والآن الاحتلال فتح لي حسابًا جديدًا".

نتيجة معروفة

سلك قنبر مسارًا قضائيًا في محاكم الاحتلال، كان يدرك أن نهايته ليست لصالحه، وأن تلك المحاكم تعمل لتجميل صورة (إسرائيل) لدى العالم، لكنه كان خيارًا وحيدًا، اضطر لخوض غماره، إلى أن أصدرت حكمًا قبل عام بهدم البيت، ودفع غرامة مالية قدرها 28 ألف شيقل كعقوبة، قسطها بدفع 750 شيقلًا شهريًا لمخالفته، سينتهي من سدادها عام 2025، وهذه رسوم مختلفة عن تكاليف الهدم والديون.

استجاب قنبر لقرار هدم المنزل، لأنه لا يستطيع تحمل غرامة مالية أخرى في حال الرفض مع احتلال يستسهل فرض الغرامات المالية، كسيف مسلط على رقاب المقدسيين، أشبه بأحكام المؤبدات التي يفرضها على الأسرى في سجون الاحتلال، كما يقول.

أطماع إسرائيلية

وفي وقت يجبر المقدسي على هدم منزل بناه على أرض ورثها من جده، يمنح المستوطن كل الامتيازات للبناء في مشهد تتجلى فيه عنصرية سلطات الاحتلال، وهي جزء من قضية أكبر تحاول فيها السيطرة على نسبة كبيرة من منازل المقدسيين في رأس العامود، نظرًا لأهمية موقعها القريب من المسجد الأقصى.

"يطل بيتنا على قبة الصخرة مباشرة، نحن نعرف هدفهم بالسعي إلى السيطرة على المنطقة" مشيرًا إلى وجود 20 بيتًا في الحي نفسه معرضًا للهدم، والمصادرة، وقضايا بالمحاكم بينهم وبين بلدية الاحتلال، وأخرى مع المستوطنين.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يجبر مقدسياً على هدم منزله بيديه

لا يملك قنبر مالاً لإعادة بناء بيته مرة أخرى، لكنه يملك إرادة تجعله يرفض الرحيل عن القدس كما تخطط سلطات الاحتلال من هذه الإجراءات، مفضلاً العيش في بيتٍ للإيجار داخل أسوار القدس مرابطًا مدافعًا عنها، على تركها للمستوطنين.

ويضطر المقدسيون إلى هدم منازلهم ذاتيًا، تجنبًا لدفع غرامات مالية باهظة في حال هدمتها سلطات الاحتلال، تصل أحيانا إلى مئات آلاف الشواقل.

وتسعى سلطات الاحتلال إلى تهجير المقدسيين بوسائل مختلفة، أبرزها سياسة هدم المنازل والمنشآت، حتى بلغت عمليات الهدم في القدس طوال العام المنصرم 168 عملية، 66 منها تمت على يد أصحابها ذاتيًا، تجنبًا لدفع غرامات مالية باهظة.