فلسطين أون لاين

منغستو والضابط هدار جولدن

نشرت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، مادة مصورة للجندي الإسرائيلي من أصول إثيوبية أفرها منغستو مدته ثوانٍ معدودات، ولكنها تحمل رسائل كبيرة من حيث الشكل والمضمون، ومن حيث دلالات التوقيت.

أولًا- من حيث الشكل والمضمون:

بدا منغستو بصحة جيدة تعكس أولاً أخلاق المقاومة مقابل ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية من انتهاكات جسيمة، وثانياً: كذب دولة الاحتلال التي ادعت أن منغستو مريض نفسي، وأن (إسرائيل) خلال المواجهات الأخيرة قضت على بنية حماس العسكرية، ليخرج منغستو في أبهى صوره، وثالثاً: أكد الفيديو حالة التمييز العنصري التي تتسم بها دولة الاحتلال ومؤسساتها العسكرية، لكون أفرها منغستو وهشام السيد من أصول إثيوبية وعربية، في حين جلعاد شاليط من أصول يهودية غربية كانت كافية لإبرام صفقة تبادل عام 2011م.

لكن الرسالة الأهم في حديث أفرها منغستو حديثه: "إلى متى سأظل هنا أنا ورفاقي؟" ولغة الجمع في كلمة رفاقي تشير إلى وجود جنديين أو أكثر، أحدهم هشام السيد والآخر هو كلمة السر في الفيديو، وهو ما يعيدنا إلى بعض المشاهد وهي على النحو الآتي:

1. يوم 14/12/2022م ذكرى انطلاقة حركة حماس عرضت وحدة الظل بندقية الضابط هدار جولدن دون ظهور أي ملامح تتقاطع مع نتائج تحقيق دولة الاحتلال وروايتها عن ليلة أسر الضابط هدار جولدن، حيث زعمت (إسرائيل) أنها قصفت النفق بمن فيه الجندي هدار والمجموعة الآسرة وقضت عليهم جميعاً، في حين البندقية التي ظهرت تؤكد عكس ذلك.

2.  بتاريخ 1/1/2017م نشرت كتائب القسام فيديو في ذكرى ميلاد شاؤول أرون وتضمن مشهدا بالغ الأهمية يتعلق بجندي على كرسي متحرك بمعنى أنه شاؤول أو غيره قد يكون مصابًا وليس قتيلًا". ولو عدنا قليلاً لحادثة أسر شاؤول الذي كان برفقة 14 جندياً صهيونياً في ناقلة جند تم تفجيرها وأسر شاؤول من داخلها، حيث تزعم الرواية الإسرائيلية أن جميع من كان بالمدرعة قتل، وهذا يزيد من فرضية أن مجاهدي القسام اقتحموا المدرعة بعد تفجيرها واعتقلوا جندياً مصاباً وهذا يعزز من فرضية أن المقعد هو شاؤول أرون وليس هدار جولدن، ويبقى ذلك في إطار التحليل، في حين أن الحقيقة الكاملة بيد المقاومة الفلسطينية وعلى (إسرائيل) دفع ثمن الحصول على معلومات كاملة ووافية ودقيقة حول صحة الجنود.

أما هدار جولدن فقد جاء بالأغنية الأخيرة التي نشرتها كتائب القسام في نيسان/2017م التي تدلل على أن الجنديين (جولدن وأرون) على قيد الحياة، فطريقة مخاطبة أمهاتهم، ومشاعر الأمهات تجاه كلمات الأغنية تدلل على أن الحكومة الصهيونية ضللتهم وكذبت عليهم من أجل حسابات حزبية ومصلحية، حتى لا يقال داخل المجتمع الصهيوني إن نتنياهو ذهب لغزة ولم يستطع دخولها وعاد تاركاً خلفه جنديين على قيد الحياة.

الدليل اللافت على أن هدار جولدن على قيد الحياة كان في الدقيقة 2:43 من الأغنية التي نشرها القسام رسميا على موقعها الإلكتروني في نيسان/2017م، ونص الفقرة: "وقعنا في كمين لعين أنا وبتايا ولئيل" والجملة هنا صيغت بطريقة لا تدع مجالاً للشك بأن هدار يحدث محققيه وعائلته ومحبيه بما حصل معهم في الكمين الذي نجحت كتائب القسام من خلاله في أسر هدار جولدن وقتل من معه.

ثانيًا- دلالات التوقيت:

ارتبط توقيت الفيديو بمراسم تسليم وتسلم رئيس الأركان الجديد هرتسي هليفي من سلفه أفيف كوخافي، وحديث الأخير عن حجم إنجازاته المزعومة في غزة، واعتذاره بعدم الوصول إلى صفقة تبادل للأسرى من أجل عودة جنوده، مضيفاً أنه خلال ولايته رئاسة الأركان وجدت فرصة للوصول إلى صفقة تبادل، وهنا أدارت المقاومة رسالة التوقيت بمسألتين:

الأولى: رسالة لرئيس الأركان هرتسي هليفي مفادها أن ملف الأسرى على رأس أولويات المقاومة، وأن ثلاثة رؤساء أركان (غانتس – ايزنكوت – كوخافي) فشلوا في إعادة الجنود، وبعضهم اعتذر عن هذا الفشل، وعليه إياك بتكرار الفشل، واعلم أن الوقت ضيق، وكأنها تذكره بحديث يحيى السنوار بأن عدم الوصول إلى صفقة في القريب العاجل من شأنه إغلاق الملف نهائياً.

الثانية: مسيرات (تل أبيب) الضاغطة على نتنياهو وحالة الغضب المتصاعدة ضد الحكومة تشكل فرصة لعوائل الجنود بالتحرك وممارسة ضغط إضافي على حكومة نتنياهو التي تمتلك 64 صوتاً في الكنيست وهو ما يمكنها على اتخاذ قرارات كبيرة كصفقة تبادل للأسرى.

الخلاصة: ما تقوم به المقاومة من تصدير مواد مصورة أو جداريات أو أناشيد وصور من وجهة نظري يأتي في إطار الحرب النفسية الإيجابية التي تهدف إلى الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل عودة الجنود الصهاينة لذويهم، في وقت لم يلتفت العالم لمعاناة أسرانا ولا سيما المرضى والنساء والأطفال.