أما المؤجل، فهو الحرب على غزة، فالسياسة الإسرائيلية عرفت ما لها وما عليها بشأن مستقبل غزة، ولو مؤقتًا، والقرار الداخلي الإسرائيلي يقوم على قاعدة: احتفظوا بسلاحكم في مخازنكم يا مقاومة غزة، لن نقترب منكم في هذه المرحلة، وطوروا ما قدرتم من الصواريخ، فالصمت هو المطلوب حاليًا، والهدوء سيد الموقف.
أما المعجل، في السياسة الإسرائيلية وموضع الاشتباك والترقب، فإنه الحسم الميداني لأرض الضفة الغربية وسكانها، وهذه الخطة التي يُعد لها اليمين المتطرف منذ سنوات، وهي مَفصل نجاحه التنظيمي، وعليها يراهن لدخول الانتخابات القادمة، وقد بدأت بالفعل منذ أيام معركة الحسم، والتوسع الاستيطاني، بإنشاء بؤرة استيطانية جديدة شمال الضفة الغربية، لن تكون نهاية الأطماع الإسرائيلية، وإن مثلت بداية مرحلة جديدة من زحف المستوطنين، وبأعداد كبيرة إلى أرض الضفة الغربية.
المعركة على أرض الضفة الغربية بدأت من منطلقين:
المنطلق الأول: صهيوني، وذلك بالإجراءات القانونية الإسرائيلية الجديدة، التي تُرتب لها الحكومة المتطرفة، إجراءات قانونية ستعتمد الضم طريقًا لإنهاء القضية الفلسطينية، والمنطلق الثاني: فلسطيني، وذلك برجال المقاومة الذين تنظموا في مجموعات قتالية تحت لواء كتائب جنين، وكتيبة بلاطة، وعرين الأسود، وغيرها من المجموعات القتالية، التي ستقف سدًا في وجه المخطط الإسرائيلي.
وقد بات بديهيًا أن المعركة على أرض الضفة الغربية ترتكز على الأمن، فإن تحقق الأمن للمستوطنين، اطمأنوا على مستقبلهم، واتسعت أطماعهم، فالاستقرار الأمني هو الشرط الذي يحفز الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ القرارات المصيرية، من هنا فإن منطلق المقاومة الفلسطينية ينشأ على انعدام الأمن للمستوطنين الصهاينة، وللجنود الإسرائيليين. إن انعدام الأمن هو العصا الغليظة التي ستكسر ظهر التطرف الإسرائيلي، وانعدام الأمن هو الكفيل لإحداث المتغيّرات التي لم يعمل لها العدو حسابًا، من هنا، فإن وقوف السلطة الفلسطينية على الحياد في معركة الضفة الغربية، يصب في صالح الأرض الفلسطينية، وحياد السلطة الفلسطينية يعني التوقف عن التنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، لتذبَل شجرة الأمن التي يستظل المستوطنون بها، وتتصاعد عواصف المقاومة، التي أثبتت قدرتها على إرباك الحسابات السياسية الإسرائيلية.
أما إذا نجح الإسرائيليون في السيطرة على مفارق الأمن في الضفة الغربية، وبسطوا أجنحة الاستقرار بالتعاون مع قيادة منظمة التحرير ، فإن المؤجل من المعارك الإسرائيلية مع غزة، ومع غيرها سيصير معجلًا، وستقرع (إسرائيل) أجراس التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، وذلك على حساب غزة التي تحدث عنها يومًا الجنرال الإسرائيلي غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أو على حساب دولة الأردن التي تتآمر عليها السياسة الإسرائيلية سرًا وعلانية.
الالتفاف الفلسطيني حول رجال المقاومة في الضفة الغربية ناجم عن وعي الشعب الفلسطيني لأهمية المعركة التي تدور بين رجال المقاومة والعدو الإسرائيلي، فهذه المعركة مصيرية، وهي التي ستعجّل بالخلاص من العدو الإسرائيلي، أو التي ستعجل بتخلّص المستوطنين الصهاينة من القضية الفلسطينية.