يواجه المزارعون في منطقة "قاع القرين" الواقعة إلى الشرق من خان يونس، جنوب قطاع غزة، مشكلة كبيرة مع ندرة المياه وملوحتها، ما يحول دون التوسّع والتنوع الزراعي، ولا سيما في المنتجات الزراعية ذات الجودة الاقتصادية.
ويأمل المزارعون أن تبذل الجهات المعنية والمؤسسات الزراعية جهودها لمساعدتهم على تأمين وصول المياه إلى أراضيهم، عبر إنشاء خزانات، وخطوط مياه ناقلة، وتركيب أنظمة طاقة شمسية على برك تجميع مياه الأمطار، إلى جانب مساعدتهم على تسويق منتجاتهم الزراعية.
و"قاع القرين" منطقة زراعية مساحتها التقريبية 4500 دونم، وتعداد سكانها (1500–2000) نسمة تقريبًا، والزراعة تعدّ مصدرًا رئيسًا للكسب المادي، ويبلغ متوسط الحيازات في تلك المنطقة (5) دونمات للمزارع الواحد.
يقول المزارع خالد أبو خاطر: إن سكان منطقة قاع القرين يعتمدون على الزراعة مصدرًا أساسيًّا في أعمالهم، وإن الزراعة تعدّ سلة غذائية مهمّة لسكان المنطقة والمناطق المجاورة.
وأضاف أبو خاطر لصحيفة "فلسطين": إن المزارعين يواجهون مشكلة في ندرة المياه في المنطقة إلى جانب ارتفاع ملوحتها، فيضطرون إلى زراعة محاصيل قادرة على التكيّف مع الملوحة، مثل ثمار البندورة، والباذنجان، والفلفل وأشجار الزيتون.
وبيّن أبو خاطر (53 عامًا) الذي يملك وعائلته 12 دونمًا زراعيًّا في المنطقة، أن المزارعين يعتمدون على مياه الأمطار مصدرًا رئيسًا في الري، ويحاولون قدر الاستطاعة الاستفادة من المياه المتساقطة على أسطح الدفيئات الزراعية بتجميعها وخلطها مع مياه آبار ذات ملوحة عالية.
من جهته قال المزارع إبراهيم أبو دقة: إن آبار المياه العذبة تقع في غرب خان يونس وإيصال المياه منها إلى أراضي قاع القرين يتطلب إنشاء خطوط ناقلة، وهي مكلفة جدًّا، إذ إن أقرب أرض لتلك الآبار تحتاج إلى خراطيم مياه طولها 2-3 كيلومترات وهي مكلفة للمزارع.
اقرأ أيضا: تغيُّر الأنماط الزراعية ومصائد الأمطار والتعويض متطلبات لتوسع الإنتاج الزراعي بغزة
وأهاب أبو دقة في حديثه لصحيفة "فلسطين" بوزارة الزراعة والمؤسسات ذات العلاقة إلى أن تعطيهم مزيدًا من الاهتمام، ومساعدتهم على تخطي أزمة نقص المياه.
من جهته قال عضو لجنة منطقة "قاع القرين" أحمد النجار أنهم بحاجة إلى دعم سريع، في إنشاء آبار في المنطقة، لمساعدة المزارعين على التوسّع الزراعي، وتزويد برك تجميع المياه بطاقة شمسية لضمان إيصال المياه إلى أراضي المزارعين، بصورة أكبر وبمدّة زمنية مطولة، والمساعدة على تسويق المنتجات للسوق المحلي.
بدوره أفاد مدير الإغاثة الزراعية في قطاع غزة تيسير محيسن بأنه بعد الدراسة المعمّقة لمشكلات المزارعين في منطقة قاع القرين ارتأت الإغاثة إنشاء مشروع حيوي يساعدهم على التغلب على أزمة المياه وندرتها.
وقال محيسن لصحيفة "فلسطين": إن المشروع ممول من الصندوق العربي، وهو عبارة عن إنشاء حوض لتجميع مياه أمطار يستوعب تقريبًا 460,000م3، وبئر استرداد، وخزان مياه علوي بارتفاع 24 متر ليعطي قوة ضخ 2 بار وسعته 250م3".
وأوضح محيسن أن المياه الجوفية هي المصدر الرئيس لمياه الشرب والري في فلسطين ونتيجة لنقص في خزانات المياه الجوفية، وزيادة ملوحة المياه وحدوث تغيرات مناخية أدّى ذلك كله إلى عزوف كثير من المزارعين لأراضيهم الزراعية وإلى ضيق الخيارات لزراعة المحاصيل التي يرغبون في زراعتها والتي هي ذات جدوى اقتصادية، أي عدم القدرة على التنوع الزراعي والتكلفة العالية في شراء كميات المياه اللازمة لعمليات الري.
من جهته، أوضح مدير الإشراف الفني للمشروع م. تامر حلس، أن حوض تجميع مياه الأمطار سيقام في بركة شعث بخان يونس، إذ ستُرشح مياه الأمطار إلى المخزون الجوفي عبر حفر آبار موزعة بطريقة هندسية إلى جانب فرد شبكة من المواسير البلاستيكية مثقوبة وموصولة بآبار الترشيح وذلك لتسريع عملية الترشيح، مشيرًا إلى أن تلك المواسير ذات حماية لاستدامة عملها، وبذلك تكون أشبه بمصفاة للمياه وتنقيتها قبل وصولها إلى المخزون الجوفي.
أما بئر الاسترداد، فستكون على عمق تقريبًا 65 مترًا وهو المنسوب المطلوب للوصول إلى المخزون الجوفي للمياه، ومن ثم ضخ تلك المياه إلى الخزان العلوي بسعة 250 مترًا مكعبًا، ثم من الخزان العلوي تُضخ المياه إلى المزارعين للاستفادة، مؤكداً أن هذه العملية ستدعم المزارعين بأن تكون المياه متوفرة دائماً وبجودة عالية، عبر توصيل الخزان العلوي بشبكة توصيل إلى المنطقة المعنية.
كما نبّه حلس إلى إنشاء وحدة طاقة شمسية ضمن مكونات المشروع وذلك بجانب بئر الاسترداد والخزان لتفادي مشكلة انقطاع الكهرباء، في أثناء عملية سحب المياه من المخزون الجوفي إلى الخزان العلوي، أيضًا في أثناء عملية ضخ المياه إلى المزارعين على الدوام.
كما أشار إلى أن حوض تجمع مياه الأمطار سيحاط بسور شبكي من الحديد المقوى إلى جانب بوابات السور يحتوي على عوامل الأمن والسلامة وبالمواصفات الهندسية المطلوبة، ولوحات إرشادية حول المشروع، ولفت حلس إلى أن المشروع يستغرق تنفيذه مدة عام.