من نافل القول إن الشعب الفلسطيني، شأنه شأن الشعوب كلها، حريصٌ على أن يكون له كيان يحافظ على هويته الوطنية، وروايته التاريخية، وانتمائه العربي، كما كان حال منظمة التحرير التي شكّلت كيانًا معنويًا للفلسطينيين منذ تأسيسها، وأن يحظى بدولة حرّة مستقلة ذات سيادة على الأرض الفلسطينية المحرّرة، ومؤسسات تشريعية، وسلطة تنفيذية متداولة عبر انتخابات نزيهة وديمقراطية، وقضاء مستقل، ونظام خالٍ من الفساد والمحسوبية يحقق العدالة لجميع مواطنيه. .. ولكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر، وجاء الحصاد هزيلًا على الرغم من المعارك الكبيرة التي خاضتها الثورة الفلسطينية المسلحة، وعشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، والانتفاضة المجيدة، وتلاحم الشعب مع منظمته، وتضحياته وصموده فوق أرضه، فجاء المولود مشوّهًا، وحمل في أحشائه بذور فنائه. جاءت الولادة قيصرية قبل أوانها، عجّل بها برنامج الحل المرحلي، واللهاث وراء مقعد في قطار التسوية، والتنازلات المتدرّجة وصولًا إلى اتفاق أوسلو، وحثّ عليها النزاع على التمثيل، والخوف من البديل، عربيًا كان أم فلسطينيًا، والحصار العربي بعد حرب الخليج، والرغبة في قطف ثمار الانتفاضة الأولى قبل نضوجها، فكانت النتيجة حكمًا ذاتيًا محدودًا، واعترافًا ب"حق" (إسرائيل) المزعوم في الوجود، وتعهدًا بمحاربة ما يسمى "العنف والإرهاب"، مقابل اعتراف هزيل بتمثيل المنظمة الفلسطينيين في مفاوضات الحل النهائي، من دون تحديد ماهية هذا الحل الذي أُحيلت إليه الملفات المهمة كلها، مثل القدس والأراضي والحدود والعودة واللاجئين والأسرى، وتُركت معلّقة، ولعله من هنا جاء وصف عملية التسوية بأنها PROCESS، وكأن إنجاز التسوية عملية مستمرّة لا نهاية لها ولا أُفق.
أكّد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عرفات في رسالته إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية يتسحاق رابين في 1993 أن "م. ت. ف. تنبذ (Renounces) اللجوء إلى ما سمي "الإرهاب"، وأعمال العنف الأُخرى، وستتحمّل مسؤولية جميع عناصر وموظفي م. ت. ف. كي تضمن إذعانهم، وتمنع الخروق، وتتخذ الإجراءات التأديبية بحق المخالفين"، وجاء رد رابين عليها برسالة موجزة "إنه في ضوء التزامات م. ت. ف. الواردة في رسالتكم، قرّرت حكومة (إسرائيل) الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا للشعب الفلسطيني، وبدء المفاوضات مع م. ت. ف."، وهو اعتراف لا يشكّل أي التزام قانوني تجاه حقوق الشعب الفلسطيني. شكّلت هاتان الرسالتان المتبادلتان وإعلان المبادئ الأساس القانوني لتأسيس السلطة الفلسطينية التي أُطلق عليها اسم "سلطة الحكم الذاتي الانتقالي المحدود".
ثمة فرق جوهري بين نظرة ياسر عرفات إلى الاتفاقات والالتزامات التي تعهد بها في المرحلة الأولى لتأسيس السلطة الفلسطينية، ونظرة خلفه محمود عباس إليها. تعامل معها عرفات باعتبارها اتفاقات سياسية يمكنه النكوص عنها والانقلاب عليها، فقد سعى جاهدًا إلى تثبيت مكانة السلطة وتوسيع صلاحياتها، والانتقال بها من حكم ذاتي محدود إلى دولة. وعندما اصطدم بالموقف الإسرائيلي والأميركي بعد فشل مباحثات الحل النهائي في كامب ديفيد عام 2000، انقلب عليها، وشجّع الانتفاضة الثانية ودعمها، وهو ما يفسر انخراط أجهزة الأمن الفلسطينية في الانتفاضة المسلحة، ومشاركة حركة فتح الكبيرة فيها. لم ينجح عرفات في مسعاه هذا، إذ أراد قطفًا سريعًا لثمار الانتفاضة الثانية التي أطلق شراراتها الأولى، معتقدًا أن زعزعة الأمن الإسرائيلي الذي كفله سنوات عدة، عبر تنفيذ عدد محدود من العمليات العسكرية، سيحمل الحكومة الإسرائيلية على الانصياع لشروطه. لكن ما أن اشتد عود الانتفاضة في وجه الاحتلال بدعم من حركتي حماس والجهاد، وفصائل أخرى، حتى فقد عرفات السيطرة الكاملة عليها، فلم يعد بمقدوره التحكّم بوتيرتها، وتحديد أوقات تهدئتها وتصعيدها، كما أن رفاق دربه خذلوه مبكرًا، فأصبح ثمة موقفان داخل السلطة والهيئات القيادية لحركة فتح؛ فمنهم من رأى في الانتفاضة كارثة، وسعى إلى احتوائها وإنهائها عبر تفاهمات مريبة مع الجانب الإسرائيلي، ومنهم من رغب باستمرارها وتصعيدها. وبين هذا وذاك، وفي ظل التعنت الإسرائيلي والضغوط العربية والدولية على عرفات، لم يعد أمامه سوى أن يمضي "شهيدًا شهيدًا"، إذ لم يعد مرغوبًا به عربيًا ودوليًا وإسرائيليًا، مع صمت وتواطؤ من بعض الشخصيات الفلسطينية.
أُعيد إنتاج اتفاق أوسلو في عهد رئيس السلطة محمود عباس، ليؤكّد من جديد وظيفة السلطة الفلسطينية الرئيسة في حماية أمن العدو، وفق المتطلبات التي حدّدتها خريطة الطريق، وفرضتها الرباعية الدولية شرطًا لتأهيل السلطة وقبولها شريكة في المفاوضات، إذ حدّدت خريطة الطريق شرط حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني بأن "يصبح لدى الشعب الفلسطيني قيادة تتصرّف بحسم ضد (ما سمي) الإرهاب"، وأن "تُنهي جميع المؤسسات الفلسطينية التحريض ضد (إسرائيل) التي من حقها المزعوم "الوجود بسلام وأمن"، وأن "يعلن الفلسطينيون نهاية واضحة لا لبس فيها ل)ما سمي) العنف والإرهاب، ويباشرون جهودًا واضحة على الأرض لاعتقال وتعطيل وتقييد نشاط الأشخاص والمجموعات التي تقوم بتنفيذ أو التخطيط لهجمات عنيفة ضد الإسرائيليين في أي مكان"، و"تبدأ أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تمت إعادة تشكيلها وتركيزها عمليات مستديمة مستهدفة وفعالة، تهدف إلى مواجهة كل الذين يتعاطون ما سمي "الإرهاب"، وتفكيك القدرات و(ما سميت) البنية التحتية الإرهابية"، ويشمل ذلك الشروع في مصادرة الأسلحة غير المشروعة، وتعزيز سلطةٍ أمنيةٍ خاليةٍ من أي علاقة ب(ما سمي) الإرهاب"، واعتُبر نجاح السلطة الفلسطينية في تأدية هذه المهمات شرطًا مسبقًا للانتقال إلى المرحلة الثانية التي تتضمّن تأهيلها للدخول في المفاوضات.
التزم رئيس السلطة محمود عبّاس بهذه الشروط، ودان الانتفاضة الثانية، ووصفها بأنها "كارثة" على الشعب الفلسطيني، ووقف بحزم ضد العمل المسلح والعنف بشتى أشكاله، ووقف موقفًا سلبيًا من الاجتياحات الإسرائيلية لغزة، ووصف صواريخ المقاومة بأنها "عبثية"، وفتش حقائب طالبات المدارس بحثًا عن سكّين مخبأة فيها، وأعلن أن التنسيق الأمني مع الاحتلال "مقدّس مقدّس"، إذ لا طريق ولا خيار غير التفاوض، ولا حل إلا باقتناع الطرف الإسرائيلي والمجتمع الدولي بأن الطرف الفلسطيني بات مؤهلًا ليكون شريكًا في المفاوضات عبر التزامه بمحاربة "العنف والإرهاب". باختصار، اعتقد أبو مازن أن استمرار السلطة وبقاءها منوط بتأديتها وظيفتها في ضمان الأمن الإسرائيلي، ومن هنا يمكن تفسير سبب عدم تنفيذ مقررات المجلس المركزي المتكررة منذ سبعة أعوام بوقف التنسيق الأمني، وسحب الاعتراف ب(إسرائيل)، إذ تدرك السلطة أن تخليها عن هذه الوظيفة يعني انتهاء دورها وانهيارها.
إذا كان استمرار السلطة الفلسطينية في أداء دورها الوظيفي الذي كبلتها به الاتفاقات وخريطة الطريق والرباعية الدولية مثّل الشرط الأول لبقائها، فإن عوامل أخرى ساهمت في استمرارها وديمومتها، ذلك أن وجود سلطة فلسطينية، مهما كان مسمّاها الرسمي، لها حكومة ووزراء وقضاء وتمثيل دبلوماسي وشرطة وضرائب تُجبى، يعني بالنسبة إلى (إسرائيل) والعالم أنه لا توجد قضية فلسطينية بمعناها الممتدّ منذ نكبة عام 1948، وحتى توقيع اتفاق الحكم الذاتي الانتقالي المحدود، فثمّة اتفاق وُقّع بين الحكومة الإسرائيلية والجهة التي تمثّل الفلسطينيين، وثمّة سلطة تمارس أشكالًا، وإن كانت محدودة، من السيادة على جزءٍ من مواطنيها المفترضين، من دون أي سيادةٍ على الأرض والمعابر والموارد، لكنها تحظى باعتراف إسرائيلي وعربي ودولي تتفاوت أشكاله، القضية الفلسطينية في نظر هؤلاء قد حُلّت باتفاق الطرفين، أما ما تبقى من مسائل معلقة ومؤجّلة أو مختلف عليها بين هذه السلطة والحكومة الإسرائيلية، فيُحال إلى مفاوضاتٍ وجهود دبلوماسية، ولا يحتلّ أولوية على مستوى المجتمع الدولي والعربي الرسمي الذي ارتفعت عن كاهله مهمة البحث عن حل للقضية الفلسطينية، وأصبحت مهمته الحيلولة دون انفجار الوضع، عبر الضغط على الجانبين كلما تصاعد التوتر، أو نشبت حربٌ على تخوم غزة، أو لاحت في الأفق بوادر هبّة وانتفاضة فلسطينية، وينصرف جلّ اهتمامه إلى إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، من دون التطرّق إلى جوهر الاحتلال وحقيقة الصراع، مركّزًا على إيجاد حلول إنسانية واقتصادية، لعل من شأنها أن تنزع فتيل أزمةٍ قد تشتعل، أو تؤجلها إلى حين. وهي سياساتٌ تحوّل الاحتلال إلى احتلال مجاني بلا تكاليف، وتشجّعه على الاستمرار في مخطّطاته الاستيطانية التي تبتلع الأرض وتجزئها، وتحوّل ما بقي منها إلى جزر منفصلة، وتقلّص صلاحيات السلطة الفلسطينية على محدوديتها، وتضغط عليها لتجنّب الوصول إلى نقطة صدام مع الاحتلال، وتحملها على القبول بالمطالبات والشروط الإسرائيلية والأميركية، وهو ما كان واضحًا طوال الفترة الماضية في سياساتها المتعلقة باستمرار التنسيق الأمني، والرضوخ للاجتياحات والمداهمات العسكرية للمدن الفلسطينية، وقبولها بالشروط الإسرائيلية لصرف أموال المقاصّة الضريبية، وتجنّب رفع قضايا جدّية أمام محكمة الجنايات الدولية، أو الحصول على عضوية دائمة في الأمم المتحدة، على الرغم من التلويح الدائم بها، وتسويف الانضمام إلى المنظمات الدولية، وتعديل المناهج، وغيرها.
ولعل ذلك يعود إلى عدم قدرة السلطة على مقاومة الضغوط الإسرائيلية والأميركية، ونشوء طبقة من المستفيدين الملتصقين بالسلطة، والحريصين على استمرارها حرصهم على مصالحهم، وتولّد قناعة أيديولوجية راسخة منذ بداية عهد رئيس السلطة محمود عبّاس أن هذا الالتزام هو الطريق الوحيد الذي لا يوجد بديل عنه لتحقيق أي تقدّم ممكن باتجاه "حل الدولتين"، الأمر الذي حال دون التفكير في أي خياراتٍ أخرى، وأفقدها قدرتها على تقديم مشروع بديل، وأدخل السلطة الفلسطينية في حالة من الجمود والتراجع حتى عن بعض المكتسبات التي حققتها في بداياتها، وهو ما يمثّل بداية فقدان دورها أو تغييره في الأيام القادمة، خصوصًا في ظل العلاقة المتشابكة والمعقدة بين السلطة الفلسطينية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، إذ لم يتماثل الموقف الإسرائيلي مع موقف السلطة الفلسطينية الملتزمة بدورها الوظيفي كما أسلفنا، وبدت العلاقة بينهما وكأنها خطبٌ للود من طرف واحد، وتلخصت النظرة الإسرائيلية إلى السلطة بوصفها شريكًا أمنيًا، وتجميد أي دور سياسي لها ومحاربته والوقوف ضده.
مع عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، واتجاه المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين، وتبلور الصهيونية الدينية التي جمعت التطرّف الديني إلى جانب التطرّف القومي الصهيوني، وتحوّل المنافسة السياسية بين نخبه إلى منافسةٍ بين يمين ويمين كلاهما مغرقٌ في صهيونيته، فإن ثمة رأيًا ينمو في الأوساط الإسرائيلية أن السلطة قد استنزفت دورها المطلوب، وحقّقت (إسرائيل) أغراضها منها خلال المرحلة الماضية، حين أنهت الثورة الفلسطينية المسلحة، وجزّأت القضية الفلسطينية واختزلتها في محاولة الحصول على دولة على 22% من الأرض الفلسطينية، واعترفت ب(إسرائيل)، والتزمت بالمحافظة على أمنها، ووفّرت لها الوقت الكافي لتغوّل الاستيطان وزيادة عدد المستوطنين الذين سيطروا على الجزء الأكبر من الضفة الغربية، وأقاموا عليها عشرات المستوطنات تضم مئات الآلاف من المستوطنين، وفتحت نافذة أمام التطبيع العربي الرسمي، بعد أن كانت تأمل بأن يأتي من بابها عند الوصول إلى حلّ نهائي.
وبذلك بات الموقف الإسرائيلي العامل الأول الذي يهدّد بقاء السلطة الفلسطينية، ويعجّل في انهيارها، إذ ثمّة إجماع بين الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على عدم وجود دولة فلسطينية بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ولم يوافق أي رئيس وزراء إسرائيلي على لقاء رئيس السلطة محمود عبّاس منذ أعوام، وتوقفت المفاوضات ذات الطابع السياسي كليًا، ولم تتعدَّ العلاقات بين الطرفين الجانب الأمني، وأُعيد إحياء صلاحيات الحكم العسكري المسمّى الإدارة المدنية، متجاوزًا دور الوساطة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية بين المواطنين الفلسطينيين والسلطات الإسرائيلية. وثمّة دعوات متزايدة لضم المنطقة ج (نحو ثلثي مساحة الضفة الغربية) بشكل كامل إلى (إسرائيل)، بعدما فُرض القانون الإسرائيلي على المستوطنين فيها. وفي ظل حكومة نتنياهو ستنتشر البؤر الاستيطانية، وتزداد وتيرة الاستيطان، وتهويد النقب والجليل، وهي مهماتٌ أُنيطت بوزراء "الصهيونية الدينية"، شريكة نتنياهو في الحكم.
كما شكّل الموقف الإسرائيلي العامل الأول في بقاء السلطة في المرحلة الماضية، فسيكون أيضًا العامل الأول في تفكيكها وإيجاد بدائل عنها، والبديل المتداول بين الإسرائيليين هو إقامة كانتونات تتركّز حول المدن، يصل عددها إلى سبعة كانتونات منفصلة، ترتبط أمنيًا بمنظومة الأمن الإسرائيلية على نحو يشكّل بديلًا عن منظومة الأمن الفلسطينية الحالية، وتنحصر صلاحياتها الإدارية في المدينة وعدد من القرى المحيطة بها ذات الكثافة السكانية، بما يضمن تفكيك الضفة الغربية إلى جزر صغيرة منفصلة بعضها عن بعض، ويصبح الانتقال من كانتون إلى آخر أشبه بالانتقال عبر المعابر الحدودية، ويتيح للاحتلال السيطرة على معظم أراضيها، والتحكّم في مفاصلها كافة، فتتخلص بذلك من مسألة الدولة الفلسطينية، وتضغط تدريجيًا على الفلسطينيين من أجل تهجيرهم أو استخدامهم كأيد عاملة رخيصة، مع التلويح الدائم بحلول ذات طابع اقتصادي محدود تستهدف الحيلولة دون تدهور الأوضاع.
تفتقد السلطة الفلسطينية القدرة على مواجهة المخططات الإسرائيلية، وما عاد الإسرائيليون يرون فيها شريكًا سياسيًا، وباتوا يبحثون عن بدائل أمنية لدورها. وتفتقر هذه السلطة إلى الالتفاف الجماهيري حولها، كما تشير نتائج الاستطلاعات المتعاقبة، وتواجه اتهامات بالفساد، ويتنازع أقطابها على خلافة محمود عبّاس، بحيث بات واضحًا افتقارها إلى قطبٍ يتمكّن من جمع شتاتها، وطغى التأثير الإسرائيلي فيها على ما تبقّى من تأثيراتٍ عربية، ولم تتمكّن من استثمار المقاومة حتى بأشكالها السلمية في مواجهة الاحتلال، ولم تسعَ إلى تحقيق وحدة وطنية لتتمكّن من مواجهة ما يُخطَط لها. لذا على السلطة الفلسطينية أن تبادر فورًا للتخلص من تبعات المرحلة الماضية واتفاقياتها، لعلها تختم المسيرة الماضية بنقطة مضيئة.
يقف الفلسطينيون الآن على أعتاب مرحلةٍ جديدة، عليهم أن يتجاوزوا فيها فكرة البحث عن حلول، واللهاث خلفها، وأن يوحّدوا صفوفهم للنضال ضد الاحتلال بكل أشكال المقاومة المتاحة، وأن يعيدوا بناء منظمة التحرير لتعود كيانًا سياسيًا جامعًا للفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، مدركين أنه مقابل التحدّيات التي يواجهونها، ثمّة فرص كبيرة بانتظارهم، تنمو وتكبر عبر مقاومتهم وحدها، كما أن التصدّي لنظام الأبارتهايد والفصل العنصري الصهيوني سيضاعف من عوامل قوتهم، ويساهم في عزل الكيان الصهيوني، ويقرّب لحظة هزيمة المشروع الصهيوني في فلسطين.