فلسطين أون لاين

تقرير الاحتجاجات الإسرائيلية.. أزمة داخلية تهدد بـ"ضرب أركان" دولة الاحتلال

...
مشهد من احتجاجات الإسرائيليين ضد حكومة نتنياهو
الناصرة - غزة/ يحيى اليعقوبي:

تمر دولة الاحتلال بأزمة داخلية غير مسبوقة، عنوانها الأساسي العام صراع بين حكومة المستوطنين الفاشية العنصرية من جهة، وجيش الاحتلال وقضائه من جهة أخرى، وفي تفاصيلها يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعدد من وزرائه تغيير القضاء لإنهاء ملف محاكمتهم وفق ما يرى خبيران في الشأن الإسرائيلي.

ولا تزال الأزمة داخل الكيان الإسرائيلي تتسع، وتُحدث شرخًا داخليًا، قد يتطور إلى صدامات ومواجهات في المرحلة المقبلة، تهدد بضرب أركان بُنيت عليها دولة الاحتلال منها القضاء، والجيش وفق الخبيرين.

وكان نحو 80 ألف متظاهر خرجوا إلى شوارع (تل أبيب) مساء السبت الماضي، احتجاجًا على خطط الحكومة اليمينية الجديدة لـ"إصلاح النظام القضائي" جذريًا، متهمين نتنياهو بمحاولة إضعاف مؤسسات الكيان بعد ثلاثة أسابيع فقط من عودته إلى السلطة.

ويرى الخبير بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي، أن خروج نحو 80 ألف متظاهر، يدلل على وجود معارضة جدية وواسعة للإجراءات التي تنفذها الحكومة اليمينية المتطرفة تجاه المجتمع الإسرائيلي نفسه، بمحاولة المساس بصلاحيات الجيش والقضاء.

وقال مجلي لصحيفة "فلسطين": إن "المتظاهرين يتهمون الحكومة التي يتزعمها "نتنياهو" بأنها جاءت للانقلاب على نظام الحكم وليس مجرد سياسة حكومية، والمجتمع الإسرائيلي يدرك أن نتنياهو ليس بريئًا وهو يدخل المعركة مع القضاء، لأجل قضية محاكمته بتهم فساد، ويستغل حلفاؤه المتطرفون ذلك لتمرير سياساتهم العنصرية بتكريس الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، وتغيير الوضع القائم بالأقصى وهو يرضخ لهم".

وأضاف أن نتنياهو وحلفاءه يستغلون شعور المجتمع الإسرائيلي بغطرسة القضاء وعدم نزاهته، لافتًا إلى أنه لدى المجتمع الإسرائيلي نحو 850 ألف ملف جنائي سنويًا، أي أن قسمًا كبيرًا منهم يلمس غطرسة القضاء، بالتالي يجد نتنياهو أرضية خصبة لتوجيه ضربة له.

ويرجع مجلي سبب سعي اليمين المتطرف لسحب صلاحيات جيش الاحتلال، لرفض الجيش الدخول في حرب مع إيران منذ عام 2011، لافتًا إلى أن وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة تهاجم الجيش وتتهمه بأنه بلا عقيدة قتالية، لذلك كان من المتظاهرين، جنرالات حرب ووزراء جيش سابقون.

ولا يستبعد أن تؤدي الخلافات إلى شرخ بالحكومة اليمينية، لأن المشكلة بين الحكومة والقضاء شخصية تخص عددًا من وزراء حكوميين مدانين بتهم فساد، بدءًا من رئيس الحكومة نتنياهو ثم القائم بأعمالها، حتى وزير جيشها متهم بسرقة أرض سلبتها دولة الاحتلال، وهناك وزراء من المتدينين لديهم قضايا منهم وزير ما يسمى "الأمن القومي" إيتمار بن غفير.

وعلى الرغم من أن هؤلاء الوزراء يحاولون الضغط على القضاء لسحب صلاحياته، لكنهم صنعوا أزمة داخلية من الممكن أن تتحول لشيء كبير من الكراهية تقود لاغتيالات، كما حدث باغتيال الناشط اليساري في حركة "السلام الآن" إميل غرينتسفايغ في عام 1983، واغتيال رئيس وزراء حكومة الاحتلال السابق إسحاق رابين في عام 1995، وسبقت الاغتيالين تظاهرات واحتجاجات مماثلة.

ويعتقد مجلي أنه إذا استمرت الاحتجاجات ولم تهدأ الأوضاع، فممكن أن تتخذ أشكالًا من الصدام ليس بالضرورة أن تحدث حربًا "أهلية"، فمن غير المستبعد أن يصطدم المتظاهرون بالشرطة، بما يوقع حالات قتل.

وعن إمكانية أن تؤسس التظاهرات للتفكك الداخلي الإسرائيلي، يجيب مجلي، بأن جيش الاحتلال لا يزال متماسكًا، والمجتمع الإسرائيلي يؤمن أنه "مجتمع دولة يهودية"، لكن الخلافات تتفاقم لتهدد بضرب أركان أساسية بني عليها المجتمع الإسرائيلي.

في داخل الاحتلال يخشون من حرب شوارع قد تتطور إلى حرب أهلية، خاصة أن اليهود في أمريكا يعتقدون أن "دولة الاحتلال تؤذي نفسها"، وهذا ما يبحثه نتنياهو في لقاءاته القادمة مع رئيس المجلس الأمن القومي الأمريكي ووزير خارجيته في الأيام المقبلة، وفق مجلي.

لكن المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين يرى أنه من المبكر الحديث عن الحرب الأهلية، لوجود دولة عميقة تحكم الاحتلال، لن تسمح بتدهور الأوضاع.

وأشار جبارين في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن دولة الاحتلال تعلمت مما حدث في أثناء اغتيال إسحاق رابين، فقد تلجأ الحكومة الحالية إلى الصدام مع الفلسطينيين، وخلق مواجهة لإنهاء الأزمة، لأن المجتمع الإسرائيلي يتوحد خلف حكومته في الصراع مع الشعب الفلسطيني.

ولفت جبارين إلى أن أوساطًا عدّة في دولة الاحتلال باتت تعتقد أن ما تسميه "دولة الاحتلال الأولى" انتهت، أو أنهم الآن يذهبون إلى "الدولة الثانية"، وهي أكثر يمينية وتطرفًا سواءً كانت تجاه المجتمع الإسرائيلي نفسه، أو في سياستها ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن من سمات "دولة الاحتلال الثانية" أنها تريد "حل الدولة الواحدة"، ما يبرز أن المسار الداخلي في (إسرائيل) يتجه نحو التشدد، ما يلغي أي فرص لما يسمى "حل الدولتين" الذي لطالما آمنت به السلطة في رام الله.