فلسطين أون لاين

خلال مؤتمر علمي في غزة

بالصور توصيات للجامعات الفلسطينية بالاهتمام بالبحث العلمي ودعم الخريجين

...

غزة/ جمال غيث:

أوصى أكاديميون ومختصون تربويون، اليوم، الجامعات الفلسطينية بتشجيع البحث العلمي ودعم الخريجين، وفتح باب الانتساب للتعليم الجامعي للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أسوة بجامعات أخرى والتعامل مع الشهادات التي حصلوا عليها خلال سنوات أسرهم.

ودعا هؤلاء، خلال مؤتمر علمي نظمه مركز مرصد للأبحاث والدراسات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، تحت عنوان: (التعليم العالي في فلسطين.. تحديات وتطلعات) إلى تضمين خطط العمل في الجامعات ببرامج تدريبية ودورات ولقاءات تدريبية من أجل تعزيز مفهوم المهارات الحياتية ومهارة إدارة الذات لدى الطلبة لصقل شخصياتهم وتطوير قدراتهم وإمكاناتهم.

وشددوا على ضرورة تفعيل دور الجامعات في تعزيز الأمن الفكري لدى طلبتها، وعقد الدورات والورشات التدريبية لهم والتي تتعلق بالتعليم الرقمي والحصول على الدعم والتمويل المادي والدعم الفني اللازم للتحول الرقمي.

هنية: المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال هي الأحوج للتعليم

قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، إسماعيل هنية: "إنّ المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال والطامحة نحو الاستقلال هي الأحوج للتعليم".

وأضاف هنية في كلمة مسجلة بالمؤتمر: "أنّ العدوان والاحتلال يسعيان لتجهيل الشعوب وربطها بثقافة المحتل".

واستذكر هنية، قادة المقاومة من النخب العلمية والنقابية والمهنية كالدكتور عبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب، ورمضان شلح ويحيى عياش وناجي العلي، وليس آخرهم الدكتور العالم جمال الزبدة، وموكب كبير من القادة الشهداء، الذين كان لهم بالغ الأثر في تعزيز وتطوير أدوات المقاومة وتصنيع سلاحها".

وأكد هنية "أنّ تطوير التعليم العالي والبحث العلمي من أولوياتنا الإستراتيجية، لتلبية الاحتياجات الوطنية، فهو يتيح بناء القدرات المحلية ويفتح المجال لجميع أبناء الشعب الفلسطيني للمشاركة في عملية البناء والتحرير".

وتابع: "اليوم لدينا 225 ألف طالب وطالبة في الضفة والقطاع منخرطون في التعليم العالي، منهم 5000 آلاف طالب ماجستير ودكتوراه، وهذا يدلل على حيوية الشعب الفلسطيني والأمانة الكبيرة التي تقع على الأساتذة والمدرسين".

وشدد رئيس المكتب السياسي لحماس على أنّ "الممر الإجباري" لامتلاك قوة قادرة على إيلام الاحتلال، هو امتلاك المعرفة وتوسيع دائرة البحث العلمي، وهذا يقع على عاتق القائمين على المؤتمر العلمي الذين يُهيئون أبناءنا للانخراط في المسارات التي لها إسهام مباشر في حماية المشروع الوطني كاملًا غير منقوص وفي مقدمته القدس وحق العودة وتحرير الإنسان".

وأردف: "غزة التي أبهرت العالم في قدراتها ومراكمتها القوة رغم شح الموارد والحصار، نرى أنّ أحد أسرار ذلك هو الاعتماد على القدرات المحلية المتمثلة في عقول أبنائنا خاصة المتعلمين منهم".

واستطرد: "ندرك أنّ هناك قفزة علمية كبيرة في المجال المدني، ونريد أن يقوم العلماء والباحثون بمعرفة آخر ما وصل إليه العلم لإعادة إنتاجه وتطويعه خدمة لمشروع الصمود والمقاومة والبناء والإعمار".

إرادة وعزيمة

وعبّر هنية عن اعتزازه بالمعلمين والمعلمات والأساتذة والباحثين ممن حصلوا على جوائز عالمية -الذين تخرجوا من الجامعات الفلسطينية التي تنافس أهم الجامعات في العالم-، مشيدًا بـ"الفلسطيني الذي يتمتع بإرادة وعزيمة وعقل فذ، وهذه الثلاثية قادرة على تحقيق اختراقات كبيرة في مجالات البحث العلمي وخاصة أنّ شعبنا في مرحلة تحرر وطني".

وتابع: "أنّ استثمار العقول وإعادة إنتاج المعرفة هو أحد الأهداف المرجوة التي يجب أن نسعى لها جميعًا"، مؤكدًا أنّ مراكز الأبحاث أصبحت بنوك التفكير للدول المتقدمة، وروادها صانعي السياسات العامة.

وبيّن أنّ باب قيادة حماس "مفتوح لكل بحث أو رؤية تساهم في تطوير الأداء أو معالجة المشكلات وتقربنا من صناعة النصر"، مردفًا: "يقع على عاتقنا جميعًا تطوير العلوم والتقنيات ومواكبة التطورات وإعطاء فرصة أكبر للجامعات من أجل المشاركة في القرار وعلى كل المستويات".

وأشار هنية وجود معاناة في مؤسسات التعليم العالي في الأراضي الفلسطينية وخاصة في القطاع؛ فرضتها حالة الحصار المالي والمنع من السفر وإدخال المستلزمات، إضافة إلى منع بعض الجامعات من حقوقها المالية، لكنه شدد على وجوب "أن نبقى صامدين أمام إجراءات المحتل ونهزم كل مخططاته الرامية لقتل الإبداع ومحاصرة الفكر والعقول".

وتابع: "يجب أن يكون سقف خططنا وآمالنا عاليًا ويلائم حجم طموحاتنا الوطنية، والانتقال إلى أفكار تطويرية إبداعية".

تميز وابداع

وعدّ وزير التعليم الأسبق الدكتور ناصر الدين الشاعر، انعقاد المؤتمر دليلًا على السعي نحو التميز والإبداع في واقع التعليم العالي في فلسطين، والتعرف على العقبات والتحديات التي تواجهه، وتحقيق أعلى درجات الجودة والتميز.

وأضاف الشاعر، في كلمة مسجلة "أنّ التعليم العالي والبحث العلمي رافعة حقيقية للمجتمعات وعصب الحضارة وأساس تقدم الأمم والجماعات".

ودعا القائمين على المؤتمر إلى "إدارة حوارات معمقة حول واقعنا العلمي ومؤسساته التعليمية، ووضع السبل العملية لتطويره، وعدم الاكتفاء بإلقاء البيانات والخطابات الرنانة وتجاهل التوصيات".

وحث أيضًا على "الاستفادة من توصيات المؤتمر وتحويلها إلى خطط وإجراءات عملية، تُنفّذها جهات الاختصاص، وعلاج قضايا الساعة والمجتمع والأمة والخروج بنتائج تلامس واقعنا".

الأسرى.. إنجازات مشرفة

وقال وكيل وزارة الأسرى والمحررين في غزة بهاء الدين المدهون: إنّ الأسرى استطاعوا تحقيق إنجازات مشرفة بطرق إبداعية في مجال التعليم داخل سجون الاحتلال على الرغم من محاولات إدارة السجون الحثيثة لمنعه.

وأضاف المدهون أنّ "الأوراق البحثية التي قدمها الأسرى في المؤتمر تخرج من بين زنازين العتمة وجدران الظلم والقهر، وهي كلمات تنبض بالحرية والكرامة، وامتداد للحرية الفكرية للأسير الفلسطيني".

وأشار إلى أنّ التعليم داخل سجون الاحتلال شهد نقلة نوعية منذ عام 2009 حين بدأت وزارته بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم إطلاق البرنامج الأكاديمي الأول والمعتمد من الجامعات الفلسطينية.

وثمّن المدهون تخصيص وزارة التربية والتعليم ومركز مرصد جلسة خاصة خلال المؤتمر لمناقشة قضية التعليم داخل السجون، مبينًا أنها رسالة مهمة لتعزيز صمود الأسرى وأنهم في بؤرة الاهتمام العلمي والثقافي والسياسي.

وبيّن مدير مؤسسة أحباء غزة ماليزيا محمد نادر النوري قمر الزمان، أن مركز المبادرة الإستراتيجية فلسطين ماليزيا، قدّم بعد العدوان الأخير على غزة، مساعدة عاجلة لوزارة التربية والتعليم العالي بقيمة نصف مليون دولار، سبقها بعام دعم جامعة الأزهر بقيمة 250 ألف دولار.

وأكد قمر الزمان، أنّ ماليزيا تقف إلى جانب فلسطين وتعمل من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتثبيته على الأرض، في مختلف المجالات للخلاص من الاحتلال.

بدورها، أكدت رئيسة المؤتمر العلمي المذكور الدكتورة جميلة الشنطي، أنّ التعليم العالي في قطاع غزة يواجه تحديات عصيبة من أبرزها الأزمات المالية مما له الأثر على تخريج الطلاب ودفع رسوم تحرير شهاداتهم.

وأشارت الشنطي إلى عدم وجود تنسيق بين مخرجات الجامعات وحاجات السوق المحلي، وضعف نتائج البحث العلمي بمؤسسات الإنتاج، واعتماد قطاع التعليم على المساعدات الخارجية، والروتين الإداري الذي يقتل روح العمل.

وشدّدت على ضرورة رفد القطاع التعليمي بالاقتصاد الوطني، وتوفير الإمكانات اللازمة لتفعيل البحث العلمي ليأخذ دوره في عملية البناء، تطبيق قوانين التعليم العالي لما من شأنه أن يضبط الأوضاع الأكاديمية والمالية والإدارية في الكليات والجامعات.

حالة صمود

وقال رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الدكتور عبد الفتاح عسقول: "إنّ المؤتمر يعكس حالة الصمود المستمرة والتطلعات إلى الاستمرار والتنمية والنهوض، ونحن بحاجة إليهما معًا".

وأضاف: "أننا بحالة مقاومة كي نحرر أرضنا، وفي اللحظة ذاتها نعد الكوادر والكفاءات من أجل بناء الوطن لما بعد التحرير".

وبمجرد الإعلان عن المؤتمر، أشار عسقول إلى تلقّيهم 90 ورقة بحثية، قُبلت منها 40 ووصلت في النهاية إلى 22 عنوانًا، متعهدًا بالاهتمام بالتوصيات وتوزيعها على جهات الاختصاص وتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذها. 

ركائز التعليم 

وأكد وكيل وزارة التعليم العالي الدكتور إبراهيم القدرة، أنّ تطوير التعليم والبحث العلمي من أهم ركائز التعليم العالي في فلسطين.

وقال القدرة لصحيفة "فلسطين": إنّ أهم مقومات تطوير البحث العلمي هو إعادة ترتيب أولويات البحث العلمي بما يلائم تطور العصر ويستوعب متطلبات سوق العمل. 

وأضاف: أنّ الحصار الإسرائيلي وسوء الأوضاع الاقتصادية والبطالة في فلسطين أنهكت التعليم العالي، كما زاد جائحة كورونا من التحديات بسبب فرض الإغلاق الذي أوجد فجوة بين مخرجات التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل.

وتابع: "أنّ العديد من الجامعات الفلسطينية حققت نجاحات مهمة على الصعيد العلمي داخليًّا وخارجيًّا، فيما لا يزال الاحتلال والحصار يُشكّلان العقبة الأساسية أمام إيجاد الفرص للخريجين، وإحداث مزيد من التطور على المؤسسات الأكاديمية من جهة أخرى.

وبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي المسجلة والمعترف بها من وزارة التربية والتعليم العالي بغزة 23 مؤسسة أكاديمية منها 8 جامعات و9 كليات جامعية و6 كليات مجتمعية، فيما بلغ إجمالي البرامج الأكاديمية 777 برنامجًا، منها 360 برنامج بكالوريوس و108 ماجستير و17 دكتوراه، و26 برنامج دبلوم متوسط و54 دبلومًا مهنيًّا، وفق القدرة.

ووصل عدد الطلبة الملتحقين في المؤسسات التعليمية إلى نحو 100 ألف طالب وطالبة، بحسب القدرة، الذي بيّن أنّ 17 ألف طالب جديد يلتحقون بها سنويًّا، ويتخرج منها 18 ألف طالب.

وبحسب معطيات وزارة التربية والتعليم، تقدر تكلفة التعليم العالي على المجتمع الفلسطيني سنويًّا بـ60 مليون دينار أردني، بواقع 7.5 ملايين دينار شهريًّا، و30 مليونًا في الفصل الدراسي الواحد. 

وبيّن القدرة، أنّ ظاهرة الشهادات المحجوزة البالغة عددها نحو 22 ألف شهادة بقيمة مالية تصل لـ30 مليون دينار أردني، تؤرق الخريجين.

فعاليات المؤتمر

وبدأت فعاليات المؤتمر العلمي بعقد خمس جلسات علمية قدم خلالها الباحثون أوراق عملهم، منهم الأسير أكرم القواسمي من سجن "نفحة"، ومسلمة ثابت من سجن "النقب".

وأوصى هؤلاء بتشجيع أعضاء هيئة التدريس وطلبتها للمشاركة في المؤتمرات العربية والدولية، وتشجيع التأليف والنشر، وتخصيص ميزانية منفردة للبحث العلمي في الجامعات المختلفة، وتوفير التسهيلات والحوافز البحثية وتطوير البنية التحتية للبحث العلمي، والاستفادة من المكتبات الرقمية في البحث العلمي، والتعامل مع تقنياتها.

ودعوا إلى الشروع بعمل دراسات تقويمية دورية لبرامج الدراسات العليا في الجامعات لتحديد نقاط القوة فيها وتعزيزها، وتشخيص نقاط الضعف ومعالجتها والعمل على تحديث الخطط والمساقات الدراسية بما يتلاءم مع التغيرات والتطورات الحديثة.

 

المصدر / فلسطين أون لاين