ما الذي ينتظره الفلسطينيون؟ لقد وقعت الواقعة، وستحل عليهم النكبة الثانية، وهم عن مستقبلهم غافلون، وينتظرون المصيبة حتى تكتمل أركانها، فالفلسطينيون في سنة 2023 بلا مجلس تشريعي معترف به من رام الله، مجلس تشريعي يتولى رئيسه رئاسة السلطة الفلسطينية بعد شغور منصب الرئيس، ويراقب عمل الحكومة، ويمنحها الثقة أو يمنعها.
والفلسطينيون بلا قيادة سياسية منتخبة، تمثل مصالح الكل الفلسطيني، وتمثل القوى السياسية الفلسطينية كافة، وتضم الجميع الفاعل والقادر على عبور مرحلة الإرهاب الإسرائيلي بثقة وثبات على الحق.
والفلسطينيون تحت المقصلة، أعناقهم معلقة بحبل التطرف الإسرائيلي، وهم تحت رحمة حكومة مستوطنين صهيونية، تعد الخطط والبرامج لاقتلاعهم، وتجريدهم مما تبقى لهم من أرض في الضفة الغربية، وما تبقى لهم من مقدسات في القدس.
والفلسطينيون ينظرون إلى السكين التي تحز عنق قضيتهم، ولا قدرة لهم على وقف المجزرة وهم بهذه الحالة، ولا أمل لهم بتغيير هذا الواقع، وهم منقسمون، واقتصرت مقاومتهم على ردة الفعل، والصراخ على كل حدث سياسي، يفتعله المتطرفون الصهاينة.
فمن يتحمل المسؤولية عن هذه الحالة الفلسطينية؟ وكيف الخروج من هذا المنزلق الذي انحدرت إليه السياسة الفلسطينية؟ لتختنق مصالح الفلسطينيين السياسية بحبل الجحود، وتتكسر أحلام الفلسطينيين على صخرة الجمود.
وماذا ينتظر الفلسطينيون؟ وإلى متى؟ وهل ينتظرون قيام الساعة؟ أم ينتظرون وقوع المصيبة، لتبدأ نوبة جديدة من الصراخ والعويل والأنين والإدانة والشجب؟
وماذا ينتظر الشعب الفلسطيني؟ وأرضهم تضيع أمام أعينهم، ومخططات عدوهم تستهدف وجودهم، والمؤامرة مكشوفة، والمستقبل غامض وغامق، ماذا ينتظر الفلسطينيون؟ والزمن يلفهم بحبال المجهول، والغريب من قادم الأحداث.
وأين عقلاء الشعب الفلسطيني؟ أين الحكماء؟ أين التنظيمات وكل أولئك الذين يستشعرون الخطر؟ لماذا لا يصير التحرك الشعبي والتنظيمي لمواجهة الوضع الداخلي قبل النظر إلى الوضع السياسي الخارجي؟ لماذا لا يتحرك الشعب الفلسطيني لترتيب أوراقه، والاستعداد لمواجهة القرارات المقبلة لحكومة الاحتلال؟ لماذا لا يفرض الشعب الفلسطيني الانتخابات رغم أنف قيادة السلطة؟ التي لن ترتضى يوماً بإجراء انتخابات تعرف نتائجها مسبقاً.
أين كوادر حركة فتح؟ وقيادات التنظيمات الفلسطينية كافة؟ الديمقراطية لن تسقط عليكم من السماء، والحرية لن تأتي إليكم زائرة في بيوتكم؟ والمصيبة لن تتريث حتى ترتبوا أوراقكم، فالواقع مؤلم، وغياب قيادة للشعب الفلسطيني، يفتح الباب للمخطط الإسرائيلي.
أسراكم مستهدفون، وأرضكم مستهدفة، ومقاومتكم مستهدفة، ووجودكم بحد ذاته مستهدف، ومقدساتكم مستهدفة، وغزة مستهدفة، فماذا تنتظرون؟ وإلى متى ترهنون مستقبلكم ومستقبل أولادكم بحياة محمود عباس؟ لماذا تنتظرون المصيبة لتشبعوا لطمًا بعد وقوع الكارثة؟ وتقعون في الندم، لماذا تنتظرون القدر كي يتدخل؟ ويموت محمود عباس، لتبدأ رحلة العبث والدمار والفساد والخراب والخلاف، لماذا لا تشتروا الغد؟ والحاضر ماثلاً بين يديكم
المسؤولية يتحملها الجميع، وإن كان رجال الضفة الغربية أكثر تأثيراً، لأن أهل الضفة هم الأقرب إلى الحدث، وبحكم الموقع، هم الأقدر على قيادة المرحلة.