لا حاجة لانتظار وترقب تظاهرة الحركات المعارضة لحكومة بنيامين نتنياهو، ولا داعي للتعويل على حركة معارضة جماهيرية من داخل (إسرائيل) تطيح بنتنياهو ونهجه، لأن مثل هذا الأمر لن يحصل، فلم تنجح أي حركة احتجاج شعبية، أو تظاهرة مهما كانت كبيرة، في التغيير في قرارات أساسية ورئيسة لحكومة إسرائيلية، فلا تظاهرة المائة ألف الاحتجاجية في قلب (تل أبيب) ضد حرب لبنان أثرت في وقف الحرب، ولا تظاهرات الاحتجاجات السكنية في عام 2009 ضد ضائقة السكن نجحت في تغيير سياسات الحكومة.
والواقع أنه ينبغي متابعة الجدل المعلن في (إسرائيل) والحامي الوطيس مؤقتًا، بين القوى السياسية والاجتماعية المعارضة لنتنياهو، الشخص أولًا، ثم معسكره العام (بما فيه أحزاب الصهيونية الدينية والحريديم) في سياقه الصحيح، وهو خسارة الحكم ومراكز النفوذ أولًا، وحماية الإرث "الليبرالي" المتخيل لدى معارضي نتنياهو، بمن فيهم من يتباكون على الجهاز القضائي، و"الديمقراطية والحريات" في (إسرائيل)، والأهم على صورة (إسرائيل)، ليس فقط في نظر العالم، وإنما أيضًا في تصورهم المشوه لها بأنها ذروة الديمقراطية.
فجهاز القضاء، وعلى رأسه محكمة العدل العليا التي تتباكى رئيستها استير حيوت، على السعي لتقويض شرعيته، مدانة بقراراتها وسياساتها العنصرية بما فيها لكونها الدرع الذي شرّع جرائم الحرب الإسرائيلية وجنوده في أكثر من وثيقة وقرار دولي، ليس آخرها تقرير منظمة العفو الدولية، وتقرير هيومن رايتس وتقرير منظمة بتسيلم الإسرائيلية في العام الماضي فقط.
ورئيس أركان الجيش، الجنرال أفيف كوخافي، الذي يدعي في مقابلاته أنه ينبغي إبقاء الجيش وجنوده جيشًا "أخلاقيًا مع قيم إنسانية" مزعومة، يعرف جيدًا أنه سيُدعى، قبل غيره من الجنود والضباط، إلى أروقة المحكمة الجنائية الدولية بفعل جرائم الجيش تحت قيادته.
وما ينطبق على حيوت وكوخافي ينطبق على قادة الأحزاب السياسية الأخرى، فجميعها، باستثناء الأحزاب العربية، لا تعارض فعلًا "قانون القومية اليهودي" من عام 2018 الذي يكرّس التمييز العنصري في الداخل الفلسطيني، ويشرع بسط الاحتلال وسيادته بدرجات متفاوتة (أبارتهايد متدرج وفقًا للمنطقة الجغرافية) في فلسطين من النهر شرقًا وحتى البحر غربًا.