ماذا ستفعل السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس إذا ما وجدت نفسها بعد أشهر قليلة أمام قانون في الكنيست يصدق على ضم الأغوار، التي هي مساحة ٣٠٪ من مساحة الضفة الغربية؟ بعض الواهمين قد يستبعد ذلك بسبب وجود موقف دولي معارض، ما أود قوله إنه لا وهم في هذه المسألة، لأنها حقيقة تبلغ درجة اليقين، فالمجتمع الدولي غير مبالٍ بالمطالب الفلسطينية، وأدلل على وقوع الضم بثلاثة أدلة متضافرة:
الدليل الأول: إن نتنياهو وحكومته يعدون الضفة الغربية بكاملها أرضًا إسرائيلية، وليست أرضًا فلسطينية ولا عربية، هذه أرض (إسرائيل) وهي حق حصري للمجتمع اليهودي، وعليه لا يجوز للأمم المتحدة أن تتدخل فيها، وكذا لا يجوز لدول المجتمع الدولي أن تتدخل، ولا يوجد شيء اسمه حق تقرير المصير للسكان العرب في الضفة والقدس.
والدليل الثاني: أن مشروع ترامب المعروف بصفقة القرن كان يؤيد مشروع نتنياهو بضم الأغوار، وخروج ترامب من الحكم لم يخرج الضم، الذي حصل أن نتنياهو أعلن تأجيل الضم لوقت آخر يكون مناسبًا (لإسرائيل)، إذ قدم عليه بحسب فقه الأولويات: مشروع اتفاق (أبراهام) والتطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
والدليل الثالث: أن (دان دانون) عضو الكنيست، وممثل (إسرائيل) سابقًا في الأمم المتحدة، والمقرب من نتنياهو أعلن قبل يومين عزمه على تقديم مشروع قانون للكنيست يقضي بضم الأغوار بمساحة ٣٠٪ من مساحة الضفة، وقال في تصريح له، إنه على يقين أن المشروع سيلقى تأييدًا من الأغلبية في الكنيست، ومن المعارضة على حدٍّ سواء، وزعم أن هذا التوقيت مناسب جدًّا للضم.
القراءة الموضوعية الخالية من الوهم، والخالية من المراهنات الخاسرة تقول: إن الضم قادم، وإن وقته قد أظلنا، وإن حكومة نتنياهو وبن غفير ستمضي قدمًا في مشروع القانون، بموازاة أعمال ضم تنفذ على الأرض بصمت.
إنه إذا كان الأمر كذلك، فماذا يمكن أن تفعل السلطة وقادة فتح قبل أن تصل مسألة الضم إلى نهايتها، وقبل أن تصبح جزءًا من الواقع؟ هل تصبح واقعًا كالذي فرضته (إسرائيل) في القدس، وفي الجولان؟ هل يمكن أن نسمع من السلطة موقفًا وبرنامجًا ضد ضم الأغوار؟ ما الذي يمكن أن تفعله؟ هل يمكن أن تخاطب الشعب والمجتمع الدولي به؟ وما المطلوب من الشعب أن يفعل؟ هذه أسئلة هي برسم الإجابة من ذوي الاختصاص والمسؤولية.