فلسطين أون لاين

الاستهداف الإسرائيلي لكنائس القدس بعد مساجدها

فضلًا عن الاستهداف الديني والقومي الذي تشرع فيه الجمعيات اليهودية في المسجد الأقصى والقدس المحتلة، وحديثًا انضمام الحكومة إليها، فإن هناك أدواتٍ ووسائل أخرى لتهويد المدينة المقدسة تستهدف الكنائس المسيحية في قرية الطور، إذ يوجد قرابة 18 موقعًا مقدسًا للمسيحيين من أديرة وكنائس ومعابد.

التصور الإسرائيلي الحاصل بمُوجبه تُنفذ خطة لتحويل عدد من المواقع التراثية إلى حديقة محمية، موجودة حول أسوار المدينة القديمة على مساحة 275 دونمًا، منها حوالي 170 دونمًا في قرية الطور، وهي منطقة من أهم الأماكن المقدسة المسيحية التابعة لعدة طوائف دينية، بما فيها بطريركية الروم الأرثوذكس، والبطريركية الأرمنية، وحراسة الأراضي المقدسة للرهبانية الفرنسيسكان، الهيئة المسؤولة عن ممتلكات الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي الفلسطينية، والكنيسة الأرثوذكسية الروسية.

بحسب المنظمات الحقوقية، فإذا دخلت الخطة الإسرائيلية حيز التنفيذ، فستُعزل الأحياء الفلسطينية عن البلدة القديمة، ويُقيَّد البناء السكني فيها أكثر مما هو حاصل اليوم، أي إن هذه الخطة المسماة "الحديقة الوطنية" وهو اسم تضليلي، سيكون له عواقب إشكالية، لأنه ينقل المسؤولية منها إلى سلطة الطبيعة والحدائق، أو الجمعيات الاستيطانية، وهذا لا يهمّ ما دامتا تابعتين لحكومة تضع الاستيطان والتهويد على رأس أجندتها الرسمية.

ما من شك في أن توسيع الحديقة يعزز حلقة المستوطنات حول البلدة القديمة، التي تضم العديد من المجمعات السكنية والمواقع السياحية التي يديرها المستوطنون، وعلى الرغم من أن الفلسطينيين سيستمرون في امتلاك أراضي الكنائس الحالية، فإن أخطارًا محدقة بأراضٍ تابعة لمواقع مسيحية مهمة مثل كنائس الجثسيماني ومريم العذراء ومريم المجدلية والمقبرة الكاثوليكية، لأنها مدرجة في حدود الحديقة الموسعة، في حين استُبعِدت المقبرة اليهودية خشية من غضب السلطات الدينية الإسرائيلية من إدراجها في الخطة.

صحيح أن هذه الخطة طُرحت أمام وزارة البيئة في الحكومة السابقة، لكن حذفت باشتراط التنسيق والتواصل مع جميع الأطراف المعنية، منها الكنائس، وهو أمر لم يحدث قبل ذلك، لكن مع وجود الحكومة الحالية، الأكثر يمينية وقومية ودينية، فهناك خشية من ظهور الخطة مرة أخرى، وعمل المستوطنين مع الحكومة على تعزيز رؤيتهم التوراتية، حتى لو صاحب ذلك تجريد المسيحيين الفلسطينيين من ممتلكاتهم، واقتصار مهمتهم فقط على إضاءة الشموع وفتح الأبواب أمام الحجاج، دون ملكية!

لا يوجد تفسير بريء لإنشاء حديقة في قرية الطور التي يسميها الإسرائيليون جبل الزيتون، غير حقيقة أن المستوطنين يطمعون بالممتلكات المسيحية، والمناطق الموجودة في الحوض البصري حول المدينة القديمة، ومحاولة الحكومة والحركة الاستيطانية إنشاء جسر من المسطحات الخضراء على جبل المشارف، مرورًا بحي الشيخ جراح وصولًا إلى المستوطنات، وتعزيز نشاط المستوطنين ذوي الدوافع التوراتية داخل البلدة القديمة وخارجها.