فلسطين أون لاين

أبو مازن بصفتك الرئيس فأنت فقط تملك القرار

يبدو أن الحكومة الصهيونية الجديدة تسعى لاستثمار الوقت لفترة حكمها دون تأخير، ولذلك بدأت في تطبيق برنامجها المتطرف ووضعته موضع التنفيذ وبخطى متسارعة، فمن اقتحام ابن غفير للمسجد الأقصى أول أيام عمل الحكومة ثم زيارته سجن نفحة ثم اتخاذ قرار بنقل قادة الأسرى وعلى رأسهم مروان البرغوثي إلى العزل المشدد إلى إقرار قانون الأبارتهايد بالقراءة الأولى في الكنيست إلى فرض عقوبات على السلطة واقتطاع جزء من أموال المقاصة ومنع البناء في الضفة الغربية في المناطق المسماة "ب"، كل ذلك يشي بأن الحكومة الصهيونية لا تلتفت للأصوات النافذة أو المستهجنة سواء تلك التي تتصاعد من الداخل الصهيوني والتي توجت بالتظاهرة التي جرت في (تل أبيب) خوفًا من حرف "مسار الدولة" "العلماني"، أو تلك الأصوات الإقليمية وحتى الانتقادات العالمية ولو كانت صادرة من الولايات المتحدة نفسها، تلك الانتقادات والتحذيرات التي وصفها سموتريتش بأنها وقحة، ناهيك بأن ما يصدر عن الجانب الرسمي الفلسطيني لا وزن له في ميزان السياسة الصهيونية، بل يتم التعامل مع الجانب الرسمي الفلسطيني الملتزم بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال بمنطق السيد والعبد، فلا يتوانى ذلك السيد عن فرض العقوبات على عبده كلما وجد منه تلكؤًا في تنفيذ تعليمات سيده، بل ويعامله معاملة العبد الآبق إذا ما تصرف ذلك العبد على نحو مخالف لما أمره به سيده.

 وما العقوبات التي فرضها الاحتلال على الشخصيات الرسمية الفلسطينية التي تشغل أرفع المناصب في السلطة الفلسطينية مثل وزير الخارجية رياض المالكي وممثل فلسطين في الأمم المتحدة السيد رياض منصور إلا مثال حي لهذه العلاقة الشاذة.

دون إسهاب في برنامج الحكومة الصهيونية وما قامت به وما ستقوم به في المستقبل، لا بد من الالتفات للجانب الفلسطيني المتضرر الأول والأساسي من رعونة هذه الحكومة المتطرفة، وما الخطوات التي يجب عليه فعله.

 يقول علماء النفس إنه في حالة الخطر الداهم أو الخوف الشديد أو الكوارث يميل البشر غريزيًا للتجمع والتقارب، وربما تُعبر هذه الغريزة عن شعور داخلي لدى البشر بأن التقارب والتجمع يمنحهم الشعور بالقوة، ولقد سمعنا تصريحات كثير من القيادات الفلسطينية التي عبرت عن مدى فاشية وعنصرية برنامج الحكومة الصهيونية الجديدة ومدى الإجرام الذي يتوقع من تلك الحكومة القيام به، والذي بدأت خطواته عمليًا كما أسلفنا في بداية المقال، ولكن في مقابل كل تلك العنجهية والغطرسة لم نجد أي إشارة لدى القيادة الفلسطينية تؤشر على رغبة أبو مازن في التحرك ولو غريزيا بدافع الشعور بالخطر الداهم الذي تمثله حكومة الثلاثي (نتنياهو، ابن غفر، سموترتش) للم شمل الشعب الفلسطيني والتوحد في مواجهة الفاشية الصهيونية التي تمثلها الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

 في استضافة كريمة من إذاعة وطن صباح أمس، سألني مقدم البرنامج المحترم: كيف يمكن إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة في مواجهة الحكومة الصهيونية؟ وكان جوابي واضحًا وصريحًا ومباشرًا، وهو أن القرار حصرا بيد أبي مازن وأبى مازن فقط، وعندما شعرت أن جوابي حيَّر المذيع المحترم قليلًا، وجدتني أسأله سؤالًا يوضح ما أرمي إليه فقلت له، لنفترض أن زعيم أي تنظيم أو حزب أو حركة فلسطينية اتخذ قرارًا بالمصالحة، هل سيجد هذا القرار سلبية للتنفيذ العملي؟ الجواب هو لا، في حين لو اتخذ أبو مازن هذا القرار فسينفَّذ فورًا لأنه هو الرئيس وبيده الصلاحيات كافة ومعه تتعامل كل الجهات الإقليمية والدولية حتى الاحتلال، ولذلك فإن القرار حصرًا بيد أبي مازن فقط، ولذلك فإن الرئيس أبو مازن مطلوب منه وبناءً على المسؤولية الوطنية والتاريخية التي يتبوؤها بحكم المنصب أن يتخذ قرارًا بإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، ولا عذر في ذلك للحديث عن العقبات والإجراءات والتفاصيل التي كانت تثار عند كل جولة مصالحة تنتهي بالفشل.

 سيادة الرئيس، كما اتخذت قرارًا بإجراء الانتخابات ثم اتخذت قرارًا مضادًا بوقفها، تستطيع أن تتخذ قرارًا بإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، ولتوضع قرارات مؤتمر الأمناء العامين في بيروت وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني موضع التنفيذ، فلم يعد في القوس منزع سيدي.