لا يرى رئيس السلطة محمود عباس أهمية لإجراء انتخابات رئاسية جديدة ما دام يعتقد أنها لن تبقيه في سدة الحكم، لذلك يقف حجرة عثرة أمام طريق تجديد القيادة وضخ دماء جديدة في النظام السياسي بما يمكن من مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.
ويسوق عباس وفريق متنفذ بالسلطة مسوغات واهية وغير منطقية لعدم إجراء الانتخابات، منها عدم سماح سلطات الاحتلال بإجرائها في القدس المحتلة، بهدف كسب مزيد من الوقت في السيطرة على الحكم، وسلب موارد ومقدرات الشعب الفلسطيني، حسب مراقبين تحدثوا لصحيفة "فلسطين".
ويرفض عباس الاستجابة للمطالبات الفلسطينية المتكررة سواء من الفصائل أو مؤسسات المجتمع المدني، بإجراء الانتخابات العامة، ويعرقل وجود أي حياة ديمقراطية بالمؤسسات العامة والخاصة بإصداره قرارات بقانون تقضي بهيمنة فريق واحد تابع له ولحركة "فتح".
اقرأ أيضاً: حوار القدوة لـ"فلسطين": النظام السياسي الفلسطيني يفقد شرعيته بسبب تعطيل الانتخابات
وبحسب لجنة الانتخابات المركزية، فإن 2.5 مليون فلسطيني من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة مقيدون في سجل الناخبين بما يعادل 93.3% ممن لهم حق الانتخاب البالغ عددهم 2.8 مليون نسمة.
عضو التجمّع الوطني الديمقراطي عمر عساف، يؤكد أن عباس يخشى فقدان السلطة، لذلك يريد التمسك بها، ويمنع أحدًا سواء من حركة "فتح"، أو الفصائل الأخرى، مشاركته فيها.
ويقول عساف لـ"فلسطين": "عباس يحتكر السلطات الثلاث؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويكرس حكم الفرد الواحد الذي جرّب في العديد من دول العالم، وكانت نتائجه وخيمة، واستمرار هذه الحالة يعني مزيدًا من التدهور على الصعد كافة".
ويضيف: "هناك حالة فوضى، واستمرار للفساد، وضعف بمواجهة الاحتلال، وكل ذلك يمكن أن ينتهي في حالة وقف احتكار السلطة من قبل عباس والفريق المتنفذ المحيط به".
ويرى أن غياب المشاركة الشعبية والوطنية في النظام السياسي، يسهم في استمرار ضعف النظام السياسي، ويقدم خدمات لأعداء الشعب الفلسطيني، لذلك تجب العودة للشعب ليمنح الثقة لحاكمه.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي راشد البابلي، إنه بعد 18 عامًا من احتكار منصب رئيس السلطة بطريقة غير دستورية، وفي ظل تغييب واضح للمجلس التشريعي، بات عباس الشخصية الوحيدة المتحكمة بالسلطات الثلاث، بل وزاد الأمر بقيادته منظمة التحرير وحركة فتح وغيرها من المناصب التي ترسم في نهاية المطاف شخصية دكتاتورية متحكمة بكل مفاصل القرار الرسمي.
ويضيف البابلي لـ"فلسطين" أن عباس هو العقبة الوحيدة في طريق الحل الديمقراطي لتداول السلطة، تحت ذرائع غير مقبولة على المستوى الوطني.
"وعلى الرغم من بلوغه سنًّا متقدمة وتوجهاته غير الوطنية، ووسط تكهنات لحالته الصحية غير المستقرة، يبقى الشارع الفلسطيني مغيباً لما قد يحدث في حالة بقاء مقعده فارغًا، وسط سيناريوهات سوداوية لما قد تصل إليه الأمور"، بحسب البابلي.
وخلص إلى أن الشارع الفلسطيني "متعطش لتغيير كبير يشمل إصلاح السلطة ومنظمة التحرير، بما يؤهله لمواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية الزائدة".
حكم استبدادي
الناشط والباحث السياسي صهيب زاهدة، يقول: إن عباس يشكل نموذجاً للديكتاتورية والحكم الاستبدادي برفضه إجراء الانتخابات العامة والسماح بتجديد القيادة.
ويضيف زاهدة في حديث لـ"فلسطين: "يستقوي عباس بالأجهزة الأمنية والخارج لمواصلة التمسك بالحكم والسلطة، ورفض إجراء أي انتخابات، ويستمر بعمله رئيسًا بطريقة غير شرعية".
ويتابع: "استمرار احتكار عباس للسلطة والحكم أثر سلبًا في النظام السياسي الفلسطيني، والمؤسسات الرسمية والخاصة، إذ بات الشارع يعاني أزمة في الجامعات والنقابات نتيجة تفرده بمفاصل الحكم".
اقرأ أيضاً: خريشة: الانتخابات المحلية محاولة للتغطية على تعطيل الانتخابات السياسية
ويبين أن الحل في إنقاذ الحالة السياسية الفلسطينية يكمن في إجراء انتخابات عامة، وتجديد الشرعية الفلسطينية.
يشار إلى أن رئيس السلطة أصدر في 30 إبريل/ نيسان 2021 مرسومًا عطل بموجبه إجراء الانتخابات العامة، التي يفترض أن تتم في العام نفسه، دون أن يحدد موعدًا آخر لعقدها.
وفي حينها، عمّت حالة واسعة من الغضب بين المواطنين بسبب مرسوم تأجيل الانتخابات، ورفضته الفصائل الفلسطينية والقوائم المسجلة للانتخابات.