تعد الأونروا ثالث مشغل للموظفين في قطاع غزة، إذ يقدر عدد موظفي الأونروا العاملين في قطاع غزة قرابة عشرة آلاف موظف، من أصل 30,000 موظف وموظفة، يعملون في مناطق عمل الأونروا الخمس، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم، إضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين.
في حين يقدّر عدد موظفي السلطة الفلسطينية، الذين يتقاضون راتبًا من رام الله قرابة 14 ألف موظف تقريبًا، وسبب انخفاض هذا الرقم يرجع إلى التقاعد المبكر الذي فُرض على الموظفين، والإقالة، وقطع الراتب الذي مارسته قيادة السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي تضاعف فيه عدد الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من لجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة، إذ وصل الرقم إلى قرابة 50 ألف موظف تقريبًا.
الأرقام الوظيفية السابقة لا تعكس حقيقة الخدمة المقدمة للإنسان الفلسطيني، إذ تتميز الأونروا عن بقية المشغلين بأنها تقدم خدمات إنسانية للاجئين الفلسطينيين، وفي شتّى المجالات، وفي زمن أطول من زمن الحكومات، فقد أنشئت الأونروا بقرار 302 الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في نهاية عام 1949، بهدف إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، في حين أنشئت السلطة الفلسطينية بعد اتفاقية أوسلو، أي بعد 45 سنة، بعد التوقيع على اتفاقية القاهرة 4/5/1994.
وفي مقالي هذا سأضع خطًا تحت جملة "إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" وهو الهدف الذي أنشئت من أجله الأونروا، إذ ترافق تشغيل اللاجئين مع إغاثتهم، وحسب الإحصائيات والأرقام والتقارير التي صدرت عن مؤسسات حقوقية عديدة في السنوات الخمس الأخيرة، التي تقول: إن إدارة الأونروا لا تعمل وفق هذه الأهداف بالمقتضى المطلوب، بمعنى آخر، لم يعد تشغيل اللاجئين يشغل بال المسؤولين الكبار في الأونروا، ولا سيما مع تصاعد نسبة البطالة في أوساط اللاجئين في قطاع غزة، وتدني المستوى المعيشي لسكان قطاع غزة، وقد أفادت المعلومات الموثقة لدى صفحة الأونروا بأنه باستثناء قطاع غزة، فإن مناطق عمل الأونروا كافة تشمل توفير الوضع العائلي للموظف، إذ توفر تسهيلات تعليمية للأطفال من جميع الأعمار، وتعد غزة حاليًا مكان عمل لا يوفر الصفة العائلية، والسؤال لمدير عمليات الأونروا: لماذا الاستثناء لأهل غزة؟
في المرحلة الأخيرة، كُلِّف "توم وايت" بوظيفة مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة، ويبدو أن لهذا المدير مميزات ومهمات تختلف عمن سبقوه من مديري العمليات، ظهر ذلك من أحاديث الموظفين والمنتفعين، الذين امتدحوا دور هذا المسؤول، وشكروا اهتمامه بأوضاع اللاجئين، وهذا الشكر ينعكس على قيمة مدير عمليات الأونروا الإنسانية، لإدراكه لواجباته الوظيفية، ووعيه للوضع المعيشي للاجئي قطاع غزة، وحاجتهم للمساعدات في جميع المجالات، فإن هذا الشكر يضيف مزيدًا من العبء على مدير عمليات الأونروا، ومطالبته بإنصاف اللاجئين، ولا سيما في مجال التشغيل، وخصوصًا مجال الترقيات في الوظائف العليا، والتي يجب أن تكون حصرًا من نصيب اللاجئ، وذلك عملًا بوظيفة الأونروا التي قالت: "إغاثة وتشغيل اللاجئين" وباب التشغيل هنا يتضمن الترقيات، وتحمّل المسؤوليات، فمن حق اللاجئ الفلسطيني أن يتميز بالوظيفة العليا في دائرة الصحة، وفي دائرة الخدمات الاجتماعية، وفي دائرة التربية والتعليم، ودائرة البنى التحتية وتطوير المخيم، فاللاجئ الفلسطيني الذي يعيش في المخيم هو الأقدر على معرفة هموم المخيم، وأحواله، وآلية النهوض به وتطويره، أليس كذلك؟
سنظل نحفظ نحن اللاجئين الفلسطينيين الأوائل للأونروا مكانتها، ودورها الإنساني في توفير لقمة الخبز لنا نحن اللاجئين، في تلك السنوات الأولى التي ضاقت علينا الدنيا إلا من مساعدات الأونروا، سواء كانت في مراكز التغذية، أو في التعليم والصحة والنظافة، وفي كل ما يتعلق بمقوّمات الحياة الإنسانية، حتى في تلك الملابس الشتوية التي كانت توزعها علينا الأونروا، لتظل هذه المؤسسة الدولية هي العباءة الدافئة لحياة اللاجئين المرتعشة.
اللاجئون بحاجة إلى المزيد من المساعدات الإنسانية، وإلى المزيد من الوظائف، وإلى المزيد من الرعاية السياسية، فحقوقهم السياسية التي اغتصبت منهم لا تقل أهمية وقيمة وجدوى عن حقوقهم الإنسانية.