فلسطين أون لاين

يخوض معركة قانونية ضد إبعاده قسرًا

تقرير حلم "العباسي" بالعودة إلى القدس يتمزق تحت مِقصلة محاكم الاحتلال

...
المقدسي مراد العباسي وعائلته
القدس المحتلة-غزة/ أدهم الشريف:

لم يتمكن مراد العباسي من مشاركة أفراد عائلته احتفالهم بيوم ميلاد نجله البكر غازي (19 عامًا)، وذلك بسبب إبعاده عن مدينة القدس المحتلة بقرار إسرائيلي.

العباسي (42 عامًا) كان يسكن في منزل ببلدة سلوان، وهو أب لـ3 أبناء و3 بنات، أصغرهم يبلغ 10 أعوام، ولا يفصله عن بيت والدته سوى بضعة أمتار، إذ اعتاد طيلة سنوات عمره أن يتناول طعام الإفطار معها.

لكنّ هذه الطقوس أصبح العباسي محرومًا منها بالمطلق، بفعل الإبعاد القسري.

اقرأ أيضًا: حماس: سياسة الاحتلال في القتل والإبعاد لن ترهب شعبنا

ومطلع يونيو/ حزيران 2022، قررت سلطات الاحتلال إبعاده عن "سلوان" الواقعة جنوب المسجد الأقصى، وانتقل في إثر ذلك للسكن في مدينة رام الله، إذ تبعد عن القدس 15 كيلومترًا.

وبينما لم يعرف السبب الحقيقي وراء إبعاده عن دياره التي ولد وترعرع فيها، يخوض العباسي معركة قانونية في محاكم الاحتلال منذ ما يزيد على 7 أشهر، أملًا بالعودة إلى عائلته بسلوان.

إبعادٌ وفراق

وقد بات دخوله إلى القدس المبعد عنها قسرًا يقتصر فقط على الساعات التي تعقد فيها الجلسة بالمحكمة المركزية التابعة للاحتلال في شارع صلاح الدين بالمدينة.

وقال لصحيفة "فلسطين"، إنه منذ أن بدأ معركته في محاكم الاحتلال، حضر 7 جلسات في المحكمة، كانت آخرها قبل أيام، ولم تختلف الجلسات عن بعضها، إذ إنه يذهب في كل مرة ويعود منها دون أن يكتشف سبب إبعاده الحقيقي.

ويحظر الاحتلال على العباسي دخول القدس، لكن بواسطة محاميه استطاع إصدار تصريح للدخول لحضور جلسات المحكمة.

وأضاف أنّ قاضي المحكمة المركزية للاحتلال رفض إطلاعه على الملف الخاص به، الذي أعدته مخابرات الاحتلال، بحجة أنه ملف سري، يتضمن اتهامات أنه "يُمثّل خطرًا على أمن الدولة"، و"إهانة الدولة وعدم احترامها" حسب زعمهم.

ويدرك العباسي أنّ ما يحدث في محاكم الاحتلال "عبارة عن مسرحية، الهدف منها إيجاد مبررات لإبعاد المقدسيين، تبدأ من عند مخابرات الاحتلال وأجهزة أمنه الأخرى، وتنتهي بقرارات اتُخذت مسبقًا في المحاكم".

وتتعدد تداعيات الإبعاد على الأشخاص الذين يستهدفهم الاحتلال، إذ يشير العباسي إلى أنه في زيارته للقدس لحضور جلسة المحاكمة قبل أيام، فوجئ بعد اتصاله على عائلته للاطمئنان عليها أنّ تداعيات صحية طرأت على والده، واستغل السماح بدخوله القدس لساعات لزيارته في مستشفى المقاصد.

وقبل أيام لم يتمكن العباسي أيضًا من مشاركة العائلة في حفل خطوبة أحد أبناء عمه، وقد جعلت سياسة الإبعاد القسري من هذا المقدسي إنسانًا يعيش الغربة في وطنه.

ولا يزال يذكر شجرة التين التي زرعها قبل سنوات أمام بيته في سلوان، وهو لم ينسَ معالم الحي المهدد بالهدم والتهجير لصالح مشاريع التوسع الاستيطاني.

ويستغرب بشدة إصرار الاحتلال على إبعاده على الرغم من أنه لم يترك أيّ وسيلة قانونية للحيلولة دون إبعاده، لكنها جميعًا باءت بالفشل وبالرغم من امتلاكه أوراق "لم الشمل" الصادرة عن داخلية الاحتلال في القدس منذ 2015.

وقال وقد بدا متألمًا: إنّ الموت أو السجن أهون عليَّ من إبعادي عن عائلتي.

وينحدر هذا المبعد من عائلة مقدسية متجذرة، يزيد تعدادها في القدس على 10 آلاف شخص، ولديها العديد من المناسبات التي بات أحد أفرادها محظورًا من المشاركة فيها بالقدس بسبب إبعاده.

وقال: إنّ "رؤيته لأفراد عائلته يقتصر على زيارتهم له في رام الله، كل أسبوع أو أسبوعين مرة واحدة فقط".

قرارات متنوعة

وتتنوع قرارات الإبعاد التي يقرها الاحتلال، وتشمل الإبعاد عن المدينة بالكامل لأشهر أو سنوات وربما بالمطلق، أو إبعاد عن المسجد الأقصى على مراحل مختلفة، ضمن سياسة عقاب جماعي يتبعها الاحتلال منذ عام 1967.

وشملت قرارات الإبعاد في وقت سابق نوابًا عن القدس في المجلس التشريعي المُشكّل بعد انتخابات 2006.

وأكد منسق ائتلاف حقوق الإنسان في القدس زكريا عودة أنّ قرارات الإبعاد تأخذ أكثر من شكل، والهدف الأساسي للاحتلال من وراء هذه السياسة، تغيير الواقع الديموغرافي في القدس لصالح المستوطنين.

اقرأ أيضًا: تقرير الإبعاد عن الأقصى.. سياسة الاحتلال المتجددة في تحييد دور المرابطين

وأضاف عودة لصحيفة "فلسطين"، أنّ الإبعاد في نظر الاحتلال يمثل عقابًا يطال أشخاصًا وعائلات مقدسية، ويلجأ إليه كخطوة استباقية لردعهم، ومنعهم من أن يدافعوا يومًا ما عن الأقصى والمقدسات.

وتابع: أنّ الاحتلال يعمل بقوة لفرض واقع جديد في القدس، يُجبِر المقدسيين على ترك المدينة لصالح المستوطنين، ما يؤدي لاحقًا إلى تغيير الواقع الديموغرافي لصالح اليهود، لافتًا إلى أنّ الاحتلال لا يدَّخر جهدًا على الإطلاق لتحقيق هذا الهدف.

وبحسب معطيات أوردها مركز معلومات وادي حلوة بالقدس، فإنّ سلطات الاحتلال أصدرت 993 قرارًا إبعاد في عام 2022، منها 523 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى، و436 قرار إبعاد عن البلدة القديمة.

وتطال قرارات الإبعاد في غالب الأحيان نخبًا وشخصيات مقدسية بارزة، منها رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ د. عكرمة صبري، ونائب مدير الأوقاف الإسلامية د. ناجح بكيرات.