فلسطين أون لاين

أهمُ الأحكَامِ لِتَصحِيحِ خَطَأ الإمَام

...

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإذا سَهَا الإمامُ في الصَّلاة؛ فـَزَادَ، أو أنقـَصَ شيئاً منها، وَجَبَ على الإمامِ والْمأمومين استدراكُ هذا الْخطأ؛ لِتصِحَّ صلاتـُهم، وبيان ذلك في ثلاثة بنود:

أولاً/ إذا أخطأ الإمامُ، فـَزادَ في الصَّلاةِ، أو أنقصَ منها؛ وَجَبَ على الْمَأمومِين تـَنبِيهُهُ بالتسبيح، ويَجوز تـَكْرَارُ التسبيح إنِ احتاجَ الأمرُ، وإنْ لَمْ يَنتـَبِهِ الإمامُ، أو اختلَطَ عَلَيهِ الأمرُ عند التسبيح؛ فقامَ، أو جَلَسَ، فيَجوزُ تـَنبِيهُهُ بِيَسيـرٍ مِنَ الكلامِ الْمُفْهِمِ؛ كقولِه: ركعَتـُكَ زائِدَةٌ، أو سَجَدتَ واحِدَةً، أو اركَع، أو اسجُد، أو اجلِس، أو قـُمْ، ونـحو ذلك، فإذا تـَنَبَّهَ عَادَ إلى الْموضِعِ الذي كان عَلَيهِ قبل الْخَطأ، فإنِ استمَرَّ في خَطَئِهِ بعد تـَنـْبِيهِهِ، ولَمْ يرجِع في مَوضِعٍ يلزمُهُ الرجوعُ فيهِ، مَعَ عِلْمِهِ بِخَطَئِهِ بَطلَتْ صلاتـُهُ، ولا يَجبُرُها سُجودُ السَّهْوِ؛ بل تـجبُ إعادَتـُها.

ثانياً/ وإنْ لم يَنتـَبِهِ الإمامُ لِخطَئِهِ، ولم يُنبِّهْهُ أحَدٌ، ومَضىٰ في صلاتِهِ، ثـم تـَنـَبَّهَ، فلَهُ حالان؛

أ / فإنْ كان زادَ في الصَّلاة، جَبَرَها بِسُجودِ السَّهو، وإنْ ترَكَ سُجُودَ السَّهْوِ جَهلاً، أو سَهواً؛ فلا شيءَ عَلَيهِ، وصلاتـُه صحيحةٌ، سواء زاد ركعةً، أو رُكناً، أو سجدةَ تلاوةٍ في غير مَوضِعِها.

ب / وإنْ أنقَصَ مِنْ صَلاتِهِ شيئاً، فلَهُ أربعةُ أحوالٍ، بِحسبِ ما تركَ منها، وهذا بيانـُها:

( 1 )  إذا ترَكَ ركناً من ركعةٍ، فتذَكَّرَهُ قبلَ أنْ يَشرَعَ في قراءَةِ الفاتِحةِ من الركعة التي تـَلِيها، وَجَبَ عليه الرُّجوعُ إلى آخِرِ هَيئَةٍ صحيحةٍ كانَ عليها، لِيأتيَ بِما تـَرَكَ، ويَستكمِلَ صَلاتـَهُ مِن عند هذا الْخَلَلِ، ويلزمُهُ سُجُودٌ للسَّهْوِ، وإنْ تذَكَّرَه بعد شُرُوعِهِ في قراءَةِ الفاتِحةِ، عَدَّ الرَّكعةَ التي حصلَ فيها الْخَللُ لاغِيَةً، وأكمَلَ صَلاتـَهُ، وسَجَدَ للسَّهْوِ.

وإنْ تذكَّرَهُ بعد السلام بزمَنِ يَسيْرٍ عَادَ إلى الصلاةِ، واستَدرَكَ خَطَأهُ، وسَجَدَ للسَّهْوِ، وإنْ طَالَ الفَصلُ، بَطَلَتْ صلاتـُهُ، وَوَجَبَ إعادَتـُها في الوَقتِ، فإنْ خَرَجَ وَقتـُها وَجَبَ قضَاؤها.

 ( 2 ) وإذا ترَكَ ركعَةً، فذَكَرَها قبل السَّلام، أو بَعدَهُ بِزَمَنٍ يَسيـرٍ، قامَ، وأتىٰ بها، وسَجَدَ للسَّهْوِ.

وإنْ ذَكَرَها بعد فـَرَاغِهِ مِنَ الصَّلاةِ بِزَمَنٍ طَويلٍ، بَطَلَتْ صلاتـُهُ، ويَلزمُهُ إعادَتـُها إذا كان وَقتـُها باقِياً، ويُصَلـِّيها قضَاءً إنْ خَرَجَ وَقتـُها.

ومَرَدُّ معرفة الزَّمَنِ اليَسيْرِ أو الطَّويلِ الفاصلِ بين الصَّلاةِ والعَودة لاستِدراك نقصِها يعودُ إلى العُرف؛ فَمَنْ خَرَجَ إلى باب الْمسجد، أو انتقل إلى مكان آخَرَ فيه، أو انتهىٰ من أذكار الصلاة، أو راجَعَ الإمامُ الْمأمومين في النـَّقصِ حتى تيَقـَّنَ حُصُولَهُ، فهو زمنٌ يَسيرُ عُرفاً، وما يعُدُّهُ العُرفُ طويلاً فهو طويلٌ؛ لا يَجوز مَعَهُ البِنَاءُ على ما صَلَّىٰ لاستدراك نقصِ الصلاة؛ كَمَنْ ذهبَ إلى بَيتِهِ، أو مكانِ عَمَلِهِ، أو أحدَثَ واحتاجَ إلى الوضوء، ونـحو ذلك.

( 3 )  وإن ترك التشهد الأوسط، فذَكَرَهُ قبل اعتدالِهِ قائماً، جَلَسَ؛ لِيَأتِيَ بِهِ، وأكملَ صَلاتـَهُ، ولا يَسجُدُ للسَّهو، وإن ذَكرَهُ بعد اعتدالِهِ قائماً، مَضَىٰ في صَلاتِه، ولم يَرجِع إليه، وسَجَدَ للسَّهْوِ؛ فإنْ رَجَعَ بعد اعتدالِهِ عامِدَاً عالِمَاً بالْحُكم بَطَلَتْ صَلاتـُهُ، وإنْ فعلَ ذلك ساهِياً، أو جاهِلاً بالْحُكمِ؛ فصَلاتـُهُ صَحِيحةٌ، ويَسجُدُ للسَّهْو.

 ( 4 ) وإذا نسِيَ شيئاً من سُنَنِ الصلاة؛ كالتكبير، والتسبيح، ونـحوه، فلا يَسجُدُ للسَّهو.

ثالثاً/  أما الْمَأمومونَ فلا يَجُوزُ لِمَنْ يَعلَمُ خَطَأ إمامِهِ أنْ يُتابِعَهُ في فِعلِهِ؛ فإنْ تابَعَهُ في خَطَئِهِ بَطَلَتْ صَلاتـُهُ، والْمختار في الفتوى أنْ يُفارِقَ الْمأمومُ إمامَهُ، ويُتِمَّ صلاتـَه مُنفرداً.

وأما مَنْ تابَعَهُ من الْمأموميـن جَهلاً منه بالْحُكمِ، أو سَهواً، أو شَكَّاً فِيْمَا يَجِبُ عَلَيهِ فِعلُهُ، فالراجِحُ أنَّ صَلاتـَهُ صَحِيحَةٌ إذا صَحَّتْ صَلاةُ إمَامَهُ، وتكونُ باطِلَةً بِبُطلانِ صلاة الإمام.

والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.

الشيخ/ إحسان إبراهيم عاشور

مفتي محافظة خان يونس

المصدر / فلسطين أون لاين