يغادرنا اليوم عام 2022 الذي شهد الكثير من التغيرات والأحداث المهمة على الصعيد الوطني والصراع مع الاحتلال، وعلى الصعيد الإقليمي والدولي.
ففي عام 2022 برزت المقاومة في الضفة الغربية مؤثرةً عبر عمليات متسلسلة لها دفّعت الاحتلال فيها ثمنًا غاليًا من القتلى، والأبرز ظهور مجموعات مقاومة في مناطق عدة، تحديدًا عرين الأسود في نابلس التي أسسها مصعب اشتية أحد قادة القسام المعتقل في سجن أريحا، برفقة عدد من القادة الشهداء منهم إبراهيم النابلسي من قادة كتائب شهداء الأقصى، ووديع الحوح من قادة أبو علي مصطفى، وسرايا القدس.
نجحت عرين الأسود في تجاوز محاولات الاحتلال والسلطة بإنهائها، لكنها تتقدم وتتسع، رغم كل المحاولات، وهو الحال في جنين وبيت لحم والخليل وسلواد، ويتوقع أن يكون عام 2023، عام اتساع الظاهرة وانتشارها في كل الضفة الغربية، وتوجيه ضربات أكثر إيلامًا للاحتلال.
في حين أن المقاومة في غزة حافظت على صعودها وتطورها، ودعمها العلني في كل المجالات للمقاومة في الضفة الغربية، وتثويرها، إلى جانب تطوير إمكاناتها بشكل مذهل، وحولتها إلى عنوان في الدفاع عن القضايا الوطنية في القدس والداخل المحتل 1948، والأسرى، الذين من المتوقع أن يكون عام 2023، سواء بالتعجيل في إتمام الصفقة المتعلقة بالجنود الأربعة، أو إقدامها على تنفيذ مزيد من عمليات أسر الجنود.
رغم الحراك الأبرز خلال عام 2022 فيما يتعلق بالمصالح الفلسطينية باتفاق المصالحة في الجزائر، ومتوقع أن يشهد النظام السياسي في عام 2023 تحولًا مهمًا بعد عباس، سواء غيابه عن الساحة، أو تصاعد الاقتتال الفتحاوي الداخلي، في ظل التسريبات التي تنتشر باستمرار حول الصراع لخلافته، وسط تغييب للحضور الوطني في تحديد خليفته، وترك الأمر لقيادة فتح تتصارع داخليًا، ويستدعي بعضهم الاحتلال، والدول العربية لتحديد الخليفة، وسط تغييب للحضور الوطني أو الاحتكاك لصندوق الانتخابات لاختيار خليفته.
التغيرات الإقليمية على صعيد المحيط العربي متقدمة نحو إعادة ترتيب المنطقة وسط انحسار أمريكي، وفشل التطبيع، وانتهاء ما تعرف بخطة ترامب وصفقة القرن التي أراد بها الأمريكان فرض الاحتلال في المنطقة، وسط تحالف بين الأنظمة القائمة خاصة في الخليج مع الاحتلال، في حين يتقدم الروس والصينيون في المنطقة، ويرفعون صوتهم بمرور الوقت.
شهدت القضية الفلسطينية حضورًا شعبيًا جارفًا، عبر مونديال قطر التي أفسحت المجال أمام بروز الدعم الشعبي والجماهيري عربيًا ودوليًا للقضية الفلسطينية، عبر المونديال الأضخم والأفضل تنظيمًا في تاريخه، ونجحت قطر في تسجيل إنجاز دولي لها، مع تمسكها بدعم القضية الفلسطينية.
من المتوقع أن يتصاعد الحضور دوليًا، خاصة في ظل صعود حكومة اليمين المتطرفة لدى الاحتلال التي تشكلت قبل أيام، ولا تخفي عدوانيتها، وهو ما يستدعي استنفارًا دوليًّا لرفضها، كي لا تقود المنطقة لمواجهة واسعة، سواء بالعدوان على غزة مباشرة، مما يقود نحو رد واسع وغير مسبوق من المقاومة، أو الذهاب لعدوان إقليمي تجاه لبنان أو ايران، وفي كل الحالات نحو أمام حكومة عدوانية، ستترك تأثيرًا واسعًا خلال عام 2023.
هذا يعني أننا في عام التحديات التي تفرض موقفًا وطنيًا يتحرك مبكرًا لدفع أي عدوان قادم، وتمتين الساحة الفلسطينية، مسنودة من القوى الحية عربيًا واسلاميًا.