لأنه ما قبل مونديال قطر شيء وبعده شيء آخر، فقد أصبح واضحاً دون أدنى شك او تشكيك بان الرياضة هي ساحة من ساحات النضال الوطني وساحة من الساحات الواسعة للاستقطاب الوطني والفكري والثقافي، فلا بُد أن يكون هناك إعادة نظر في موضوع الاهتمام بالرياضة من خلال وضعها على سلم أولويات الدولة ورئيسها ومجلسها التشريعي وحكومتها.
كيف لا نُطالب بهذا الاهتمام وقد تبين خلال كأس العالم التي أقيمت في قطر كأول دولة عربية تحتضن هذا التجمع الرياضي الأضخم في العالم، حجم التفاعل العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية من خلال رفع العلم والمشاركة في كل الانشطة والفعاليات التي أعادت تسليط الضوء على القضية الفلسطينية بشكل غير مسبوك من حيث حجم التعريف بالقضية وحجم إيصال الرواية الفلسطينية الحقيقية، في الوقت الذي كانت فيه الرواية "الصهيونية" قبل كأس العالم الأكثر رواجاً.
كيف لا نُطالب باهتمام رسمي بالرياضة ونحن نعلم بأن الشريحة الأكبر في المجتمع الفلسطيني هي شريحة الشباب، وبالتالي ضرورة الاهتمام بهم وتعزيز مفهوم الشراكة في البناء معهم فهم عماد الوطن.
اليوم وأكثر من أي وقت مضى أصبح على الدولة أن تزيد من حجم اهتمامها بالرياضة والرياضيين من أجل تحقيق عدة أهداف، أبرزها:
* أولاً: إشراك الشباب في عملية بناء الوطن والحفاظ على تواصل الأجيال التي تحمل على عاتقها مسؤولية خدمة الوطن كل في مجال اهتمامه.
* ثانياً: استيعاب الطاقات الشبابية في تحقيق إنجازات رياضية من شأنها الحفاظ على التواجد الفلسطيني ي مختلف المحافل الإقليمية والقارية والدولية.
ثالثاً: استقطاب الشباب بعيداً عن الانحراف نحو بيئة سيئة عنوانها المخدرات والالتحاق بالجانب السيء للطور التكنولوجي الذي أصبح قِبلة معظم الشباب لتوفير مصدر رزق في ظل حالة البطالة الخطيرة.
لا شك أن أسباب عدم تحقيق الرياضة الفلسطينية في مختلف الألعاب لإنجازات حقيقية أو قفزات مهمة يعود إلى عدم تطويرها على مدار عقود طويلة وبالتالي عدم وصولها إلى مرحلة أن تكون رياضة منافسة إقليمياً وقارياً ودولياً.
وبكل تأكيد فإن المسؤول الأول عن تطوير الرياضة وغيرها من الماحي الحياتية، هي الدولة، من خلال تهيئة البيئة المناسبة للتطوير وتحقيق الإنجاز، وهو المرهون بتوفير الدعم المالي والمعنوي والاهتمام بالبنية التحتية وبتأهيل الكادر قبل كل شيء، فإذا كانت الدولة معنية بشريحة كبيرة من الشباب، عليها الاهتمام بالجانب الأبرز من اهتماماتهم.
عمق الأزمة الرياضية في فلسطين عموماً وفي غزة خصوصاً جعل الجميع يعتقد أن هناك خطوات أهم من موضوع عدد الأندية، وهنا أتفق مع هذا الطرح، ولكن الأهم أن يعلم الجميع أن عملية إعادة بناء الرياضة تحتاج لخطة استراتيجية تعمل على طرح الحلول، وهذا ما يتطلب قراراً رسمياً من الجهات السياسية.
ومن بين الخطوات التي تُعبد الطريق المؤدي إلى التطوير، يجب إعادة صياغة قانون الأندية وشروط الترخيص والديمومة، كون الأندية هي المنجم الذي يُقدم للرياضة الكادر الإداري والكادر الفني.
إن أسباب أزمة الرياضة جميعها كثيرة جداً بسبب الإهمال الرسمي على مدار عقود طويلة، ولكن حتى نقوم بالإصلاح فأمام الدولة إما ان تُعيد البناء من الصفر، أو اعتماد خطة قصيرة الأمد تبدأ بنظام الخطوة خطوة.
لست ضد الأندية وعددها .. ولكننا ندور في حلقة مفرغة منذ عقود طويلة من خلال وجود ما يُقارب 350 نادياً في غزة والضفة والقدس دون تحقيق مكاسب فنية للرياضة الفلسطينية، وهذا ما يدفعنا للتفكير في أسلوب وفكر جديد يؤسس لمرحلة جديدة نُعزز خلالها من خطوات تسريع عملية البناء، من خلال دراسة حالة الأندية وحاجة الساحة للعدد المطلوب، وتحويل البقية إلى مركز شباب في كل حي لاستيعاب الأنشطة الشبابية.