الرئيس الأوكراني اليهودي زيلنسكي في زيارة سرية لواشنطن، الزيارة تثير سؤالًا عن السبب؟ أي لماذا كانت هذه الزيارة، هل لأن زيلنسكي يريد زيادةً من المساعدات الأميركية، أم لأن أميركا تريد البحث معه في وقف إطلاق النار وحلول الحرب الدائرة؟
طلْب المساعدات الزائدة والعاجلة -في نظري- لا يحتاج إلى زيارة شخص الرئيس لواشنطن بهذه السرية، فهو يطلب مزيدًا من المساعدات من خلال وكلاء عنه، ومن خلال رجال المخابرات، والدول الغربية وأمريكا هم على اطلاع دائم بحاجات أوكرانيا لصمود والقتال، وهم أصحاب التقدير والقرار.
أما البحث في حلول للحرب بعد عام من بدايتها فأمر آخر، ويحتاج إلى هذه الزيارة، وللقاء قمة، والذي يبدو لي أن أميركا تريد وقف الحرب بعد أن حصرت مطامع روسيا في الأقاليم الشرقية، وقد أبدت روسيا رغبة في وقف إطلاق النار بالانسحاب خلف نهر دينيبرو.
أمريكا تريد وقف إطلاق النار، ودخول أوكرانيا في مفاوضات. هذه المفاوضات ربما تستفيد من رؤية هنري كيسنجر التي تقول يجب أولًا وقف القتال، والذهاب ثانيا لاستفتاء سكان الأقاليم الشرقية تحت رعاية الأمم المتحدة حول سؤال: هل ترغبون بالاستقلال أم لا؟!
وهذا يعني أن فلسفة السؤال تقوم على تقسيم أوكرانيا وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة. أي دولة عازلة، لا هي مع روسيا صراحة، ولا مع أوكرانيا صراحة، وذلك أن هذه الأقاليم كانت روسية في عهد الاتحاد السوفيتي، وأن الرئيس غوربتشوف هو الذي ضمها لأوكرانيا عندما كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي.
تقسيم الدول هي إستراتيجية أمريكية لا تقف عند أوكرانيا، بل تتعداها لروسيا ذاتها، كما هي إستراتيجية يعملون على تطبيقها في البلاد العربية، تحت اسم مشروع قيصر.
إنه إذا قبِل الطرفان الفكرة تقف الحرب، وتخرج دولة دونباس للوجود، ولكن فكرة كيسنجر لا تتعرض للعقوبات الأمريكية والغربية ضد روسيا، لأنه فيما يبدو يريد الأمريكان إبقاءها لإضعاف روسيا، وإثارة الداخل الروسي والوصول إلى تقسيم روسيا لاحقًا.
فكرة الدولة المستقلة مفيدة لأوكرانيا حيث تتخلص من مجموعة سكانية لا توالي كييف، ويمكن لكييف أن تنضم للناتو، ووقف الحرب بعد هذه الخسائر الروسية ليست في صالح بوتين، حيث سيتعرض لاضطرابات داخلية بسبب الفشل في الحرب. وهي في صالح أمريكا والغرب حيث يكون الغرب قد استنزف روسيا، وكشف أنها دولة إقليمية وليست عظمى، وأن الثقة بها ليست ذات مغزى دولي. أمريكا تريد التقسيم، ووقف الحرب، قبل أن يضطر بوتين للسلاح النووي وهو الخيار المتبقي أمامه، وأمريكا لا تريد هذا الخيار لأنه يلزمه الرد، وهكذا. الحل هو وقف الحرب والدولة المستقلة، والله أعلم.