فلسطين أون لاين

تقرير التعليم الفلسطيني.. إنجازات طلابية رغم التحديات

...
غزة/ مريم الشوبكي:

شغف الطالب محمد عطا الله في البرمجة نقله إلى مستويات متقدمة في مجال مهني بات يعد مستقبل الحياة لعقود مقبلة، ويشهد قطاعه نموًا وتوظيفًا كبيرين في شؤون الحياة كافة.

شح التدريبات على المستويين الحكومي التعليمي والخاص، دفع عطا الله (17 عامًا) إلى التواصل مع مبرمجين فلسطينيين، وآخرين من خارج غزة للاستزادة في علوم البرمجة، وكذلك المشاركة في مسابقات عربية ودولية بجهد فردي.

سعي عطا الله المتواصل أوصله إلى الفوز هذا العام مع فريقه: أحمد المحاريق من جنوب الخليل، وأنس أبو اعمر من بيت لحم، بالمركز الثالث في ملتقى مبرمجي المستقبل، الذي نُظم في العاصمة الأردنية عمان، في النسخة الحادية عشرة، بمشاركة 50 فريقًا من عدة دول عربية.

يقول عطا الله، وهو طالب في المرحلة الثانوية بالفرع العلمي: "المسابقة كانت 12 سؤالًا، يتطلب الإجابة عنها في خمس ساعات، والأسئلة تمثل مشكلات تواجهنا في الحياة اليومية، يُطلب منا إيجاد لها حل منطقي باستخدام البرمجة".

ويضيف عطا الله لـ"فلسطين": "شاركت في المسابقة بجهد ذاتي، عن طريق التواصل مع القائمين على المسابقة في الضفة الغربية، وحظيت بفرصة للانضمام إلى الفريق المكون من طلبة المدارس في الضفة".

ويبين أن البرمجة طورت من طريقة تفكيره، والتفكير خارج الصندوق، ورفع مستوى التحصيل العلمي، وتكوين صداقات مع أشخاص شغوفين بالبرمجة في البلاد العربية، والأجنبية.

وعن التحديات التي واجهها عطا الله في طريق تطوير مهاراته البرمجية، يذكر أن العديد من الفرص ضاعت عليه للمشاركة في مسابقات عربية وعالمية؛ "بسبب عدم وجود جهة داعمة، ناهيك بعدم وجود مؤسسة رسمية لتدريب الطلبة في هذا المجال".

ويطمح عطا الله ليكون مبرمجًا محترفًا، ويصبح مدربًا في مجاله؛ للارتقاء بالأجيال القادمة، ليتمكنوا من المنافسة في المسابقات الخارجية، وحصد المراكز الأولى.

إنجازات

في هذا السياق، يؤكد المدير العام لوحدة العلاقات العامة والتعاون الدولي في وزارة التربية والتعليم العالي في غزة أحمد النجار، أن النجاحات التي يحققها الطلبة يُمكن أن تكون أكبر، لو تغلبنا على التحديات والصعوبات التي تواجه المنظومة التعليمية، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي.

وبين أن عشرات المعلمين في قطاع غزة فازوا بجوائز عربية وعالمية، منهم المعلمتان رنا زيادة، ونجوى أبو سلمية، اللتان فازتا بلقب "المعلم المبدع" في جائزة خليفة التربوية على مستوى الوطن العربي.

كما لم يغفل عن الإشارة إلى الإنجازات التي حققتها العديد من الجامعة الفلسطينية، والفوز بمشاريع التبادل الأكاديمي.

وعرج النجار في حديثه إلى انخفاض نسبة الأمية في فلسطين، والتي عدّها إنجازًا مهمًا للنظام التعليمي الفلسطيني، مبينا أن الوزارة تركز على تجويد وتطوير العمل التربوي باستمرار، وتستهدف رفع قدرات الطلبة، وتأهيلهم للمستقبل الجامعي وسوق العمل والتنمية الوطنية.

وحسب الإحصائيات الدولية، والجهاز المركزي للإحصاء، فإن أقل نسبة أمية في العالم توجد في محافظات قطاع غزة، وتبلغ 3.1%.

الأدوات تصنع الطالب

وفي معرض حديثه عن المعيقات التي تواجه التعليم في غزة، يقول النجار: إن الأدوات المخبرية التي تصنع الطالب الماهر في التجارب والعلوم، والأجهزة الرقمية التي تطور مهارته وتميزه في الذكاء الاصطناعي والمشاريع العلمية، وأجهزة التلسكوب ومعدات دراسة الفلك التي تُنمِّي الطلبة في علوم الفضاء، والكتب الثقافية التي تطور مهارات وتثقف التلاميذ، وأجهزة الحاسوب والمختبرات التي تقود الطلبة إلى التميز أكثر في علم البرمجة والتكنولوجيا، "كل هذه الأجهزة غير موجودة بكفاية؛ بسبب منع الاحتلال دخولها".

ويلفت إلى أن ظروف التنقل من وإلى قطاع غزة تمنع الطلبة والمعلمين من السفر إلى العالم، وتبادل الخبرات، والمشاركة في المسابقات العالمية والدولية، "ولو أُتيح لهم المجال لحققوا الكثير من الإنجاز والإبداع، ولعلنا نُشاهد دوماً أن طلبة ومعلمي غزة حين يشاركون في مسابقات دولية عن بعد، فإنهم يُحققون النجاح والتفوق والحصول على مراكز متقدمة".

نقص المرافق التعليمية

ومن بين التحديات التي تُواجه الوزارة، قلة عدد المدارس وسط الازدياد الطبيعي والمطرد في عدد السكان سنويًا، إذ أوجدت مشكلة الاكتظاظ في الفصول في بعض مدارس قطاع غزة، وهو السبب الرئيس لاعتماد تعليم غزة على فترتين دوام صباحية، ومسائية في معظم المدارس.

وحسب الدارسة الميدانية فإن الوزارة بحاجة إلى بناء (130) مدرسة، منها (70) مدرسة عاجلة في الأربع سنوات القادمة، بتكلفة مليون و200 ألف دولار للمدرسة الواحدة، وتكلفة إجمالية تقدر بنحو 84 مليون دولار أمريكي، وفق النجار.

وبين أن هذه المدارس تشتمل على بناء (1400) غرفة صفية، و(70) مختبر حاسوب، و(70) مختبرًا علميًا، و(70) مكتبة مدرسية ومرافق صحية، ومجموع هذه المدارس يحتاج إلى توظيف (2100) معلم ومعلمة.

وفي نفس السياق تُواجه الوزارة تحدي قلة الأراضي في بعض المناطق التي ستُبنى عليها المدارس، فمثلًا منطقة شرق غزة المكتظة، ومنطقة جباليا لا توجد فيها مساحات كافية يمكن بناء مدارس عليها.

ويلفت إلى أن انقطاع الكهرباء المتكرر يُلقي بظلاله السلبية على سير العملية التدريسية بالطريقة المناسبة، ويضاف إلى ذلك ضعف وانقطاع الإنترنت، الذي يفيد في الأعمال الطلابية والإدارية، "وهذا بدوره يؤثر سلبيًّا في تعزيز دور الرقمنة في المدارس".

وبشأن واقع التعليم المهني، يؤكد النجار أهميته؛ لأنه مسار عالمي يحظى باهتمام كبير، مبينًا أن لدى الوزارة خطة واعدة، لكنها تصطدم بتحدي قلة عدد المدارس المهنية، "وتقف حائلاً دون تعزيزه قلة التمويل، وعدم توافر المعدات اللازمة لهذا الفرع التعليمي التنموي".