نضال شعبنا ضد الاحتلال الاسرائيلي يكتب بالدم والمداد، وسوف يدون ما يمر من أحداث في هذا العام والذي سبقه في الصفحات الأخيرة من كتاب تحرير فلسطين، لم يعد هناك مجال لصفحات أكثر، ولم يعد هناك مجال لإطالة أمد الاحتلال، فكل الشواهد تؤكد اننا في نهاية القصة، وهذا ما يدركه الفلسطينيون ويدركه المحتل الإسرائيلي والعالم أجمع.
القصة بدأت مع جيش إسرائيلي مُحتل هزم عدة جيوش عربية واحتل الوطن فلسطين بعد طمس ملامح المؤامرة على الشعب الفلسطيني وقضيته، التفاصيل حينها لم تكن مهمة ولا تحدث أي فرق، حينها بدأ الكيان بنحت تمثال من الشمع للجيش الذي يزعم أنه "لا يقهر"، ولا يغفر لدولة مجاورة أو غير مجاورة "فكرت" ببناء قوتها ولا يغفر لطفل فلسطيني التقط حجرا قد يخدش تمثالهم ويهز معنوياتهم، ولكن أين وصلنا الآن؟ مئات الآلاف يحتفلون بذكرى انطلاقة حماس وكتائب القسام، الطيران الفلسطيني وليس الإسرائيلي يحوم خلال مهرجان إحياء ذكرى الانطلاقة في سماء غزة، يحتفلون ويهتفون ويخرج القادة إلى العلن، ويبعثون برسائل تهديد جادة وشديدة اللهجة إلى العدو الإسرائيلي دون أي التفات إلى "الجيش الذي (يزعم أنه) لا يقهر" ولا إلى طائراته الغادرة التي لم تكن تضيع فرصة لاغتيال أي قائد يُعلم مكانه.
تمثال الشمع بدأ بالذوبان منذ سنين، تشوه واختفت معالمه، منذ فرار جيش الاحتلال من قطاع غزة، ومعركة بعد أخرى مع المقاومة التي تقودها كتائب عز الدين القسام وبقية فصائل المقاومة تحطم التمثال وتحطمت معنويات جيش الاحتلال والمستوطنين حتى وصلت إلى الحضيض. كيف لا تنتهي قصة الاحتلال وجيشه المقهور وهو يقف عاجزًا أمام جيش فلسطيني ينمو يوما بعد يوم لا يعلم عدده وعتاده إلا الله ثم قادته في قطاع غزة؟ كيف لا تنتهي قصة الاحتلال وهو يقف عاجزًا وجنوده أسرى لدى كتائب القسام في مساحة لا تزيد على 360 كم2، تفسخ الكيان وضعفه وعجزه أمام غزة والضفة وأمام أهلنا داخل المناطق المحتلة عام 48 لا تشير إلى صعود ولا إلى صمود للاحتلال بل إلى انحدار واقتراب من النهاية.
يقول ذوو أسرى الجنود الإسرائيليين لدى كتائب القسام بأن "دولتنا تنهار وجيشنا لا يفعل أي شيء لاسترجاع جنوده الذين هم أبناؤنا، أصبحنا أمام خيارين؛ إما أن ندفع ثمنًا باهظُا بالرضوخ لشروط المقاومة وإطلاق أسرى فلسطينيين وإما أن نسكت ونتخلى عن مبادئنا التي من بينها عدم ترك الجنود خلفنا"، واللافت في حديثهم عدم ذكر خيار استرجاعهم بالقوة العسكرية المباشرة لأن الجميع بات يدرك أن الخيار العسكري في غزة محكوم بالفشل والهزيمة والكثير من الخسائر ومنها زيادة غلة الأسرى من جنود الاحتلال لدى كتائب القسام التي تنتظر الفرصة لتحقيقها.