فلسطينيو الـ48 هم صلب القضية الفلسطينية، وهم عمودها الفقري الذي تنتصب عليه مجمل الحقوق الفلسطينية، وهم الشاهد الحي على التفرقة العنصرية، والممارسات الصهيونية ضد الوجود الفلسطيني، وهم حلقة الوصل التي لم تنقطع بين الأرض والإنسان رغم عشرات السنين من الاقتلاع والعقاب.
فلسطينيو الـ48 محور المؤامرة الإسرائيلية في المرحلة القادمة، وهم المستهدفون بما لا يقل عن التآمر على المسجد الأقصى، وقد يفوق التآمر الإسرائيلي على منطقة C في الضفة الغربية، فالمخططات الصهيونية ضد فلسطينيي الـ48 تصل إلى حد التطهير العرقي، وتكرار النكبة مرة أخرى، والتي بدأت بتشكيل وزارة تطوير النقب والجليل، هذه الوزارة التي يصر أن يقف على رأسها عتاة المتطرفين، كشرط لدخولهم حكومة نتانياهو، ولدى هؤلاء المتطرفين الخطط الهادفة إلى تحسين مستوى معيشة "الموالين للدولة"، و"السعداء بازدهارها"، والمقصود بهؤلاء الموالين للدولة هم اليهود دون العرب، فالوزير الصهيوني المكلف بالوزارة أعطى وعدًا علنيًا بأنه "لن يعتني بالبنية التحتية للفلسطينيين".
المؤامرة لن تقف عند حدود عدم الاعتناء بالبنية التحتية للفلسطينيين العرب، فعدم الاعتناء قائم منذ النكبة عام 48، المؤامرة الجديدة تقوم على التضييق على حياة 2 مليون عربي كجزء من المخطط الإسرائيلي الهادف إلى مواجهة التطور الديمغرافي للفلسطينيين، ولاسيما بعد أن شكل هؤلاء العرب الظهير القوى والمساند لمعركة سيف القدس، فيما عرف بهبة الكرامة، أو أحداث أيار/ مايو 2021، حيث انخرط فلسطينيو الـ48 في احتجاجات ومواجهات فاجأت الأجهزة الأمنية، وأربكت حسابات الدولة ككل، التي وضعت على رأس مخططاتها مشاريع التضييق على حياة السكان العرب في النقب والجليل، بما في ذلك تخويفهم، وإثارة الرعب في نفوسهم، حيث أصدرت المحاكم الإسرائيلية أحكامًا جائرة بحق من شارك في هبة الكرامة، لقد صدرت الأحكام القاسية، وغير المسبوقة، والتي تصل إلى عشر سنوات لمجرد رفع الصوت ضد العدوان على غزة، أحكام تهدف إلى الردع، وعدم مشاركة فلسطينيي الـ48 في أي مواجهات قادمة.
فلسطينيو الـ48 جزء لا يتجزأ من الكل الفلسطيني، وهم في تفكيرهم ومصيرهم لا يختلفون عن فلسطينيي القدس والضفة الغربية وغزة، وقد جاء في إحدى الدراسات الاستقصائية، التي نشرتها الصحف العبرية أن ثلاثة أرباع فلسطينيي الداخل لا يعترفون بأي حق قانوني أو تاريخي أو ديني لليهود في دولة الاحتلال، وقال ربع الفلسطينيين إنهم سيقاتلون إلى جانب أي جيش عربي يجتاح المناطق الفلسطينية المحتلة، وهذه المواقف تعكس حقيقة الانتماء لمستقبل هذه الأرض، والتي يجسدها وجود عشرات المعتقلين السياسيين من فلسطيني الـ48 في السجون الإسرائيلية، منذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا.
فلسطينيو الـ48 هم أصل الحكاية، وهم الامتداد الروحي والطبيعي للكل الفلسطيني، وعلى الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده أن يعزز من أواصر الترابط والتلاحم بين جميع أبنائه، فما دام العدو واحدًا، فالواجب يقضي بأن تكون المواجهة للعدو موحدة.