في عام 1967 احتضنت العاصمة السودانية الخرطوم قمة عربية عرفت بقمة اللاءات الثلاثة والتي أعلن فيها الزعماء والملوك العرب عن تمسكهم بالثوابت تجاه القضية الفلسطينية من خلال لاءات ثلاثة وهي: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه.
بعد خمسين عاما من تلك القمة نجد أن اللاءات العربية أصبحت "نعم" كبيرة للصلح والاعتراف والتفاوض والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، لأن تلك اللاءات لم تكن حقيقية لأن الزعماء آن ذاك أرادوا تخدير الأمة والتغطية على هزيمتهم النكراء أمام العدو الإسرائيلي، فهم في قمة الخرطوم لعبوا على "عاطفة" الجماهير واستغفلوا الشعوب حتى وصلنا إلى ما وصلنا وأصبحت (إسرائيل) بالنسبة لهم أمرًا واقعًا يمكن التعامل معها أما القضية فتبقى معلقة إلى ما شاء الله.
وزير الاستثمار السوداني مبارك الفاضل المهدي واسمه تنقصه لاءات ثلاثة؛ فلا هو مبارك ولا فاضل ولا مهدي، خرج علينا كمهرج في لقاء تلفزيوني تهريجي فيه الكثير من الضحك والهزل لا يليق فيه ذكر القضية الفلسطينية ولا هموم الأمة. في ذلك اللقاء تحدث وزير الاستثمار أو التطبيع عن رأيه في القضية الفلسطينية والعلاقة مع المحتل الإسرائيلي، فقال إنه لا مانع لديه من التطبيع مع (إسرائيل) إذا اقتضت مصالح السودان ذلك مطالبًا بعدم تغليب العاطفة، وهنا لا بد من التوضيح ما الذي يقصده المطبعون حين يطالبون بتحكيم العقل وإغفال العاطفة، هم يقصدون تغليب المصالح على المبادئ، فالعاطفة هنا هي المبادئ والثوابت والعقيدة الإسلامية أما العقل _بالنسبة لهم أيضًا_ فهو المصالح الآنية والخضوع لعقيدتهم الفاسدة وشخصياتهم المهزوزة ونفوسهم المهزومة، ومن يقرأ سيرة اللامبارك يعلم أنه نشأ نشأة غربية علمانية وتاريخه حافل بالغدر والخيانة والتحالفات المشبوهة مثل تحالفه مع جون قرنق وتقربه من مصر حين كانت الدول تقاطعها لصلحها مع اليهود.
سيئ الذكر مبارك المهدي اتهم الفلسطينيين ببيع أراضيهم والعمل مع اليهود واتهم حركة حماس بالجلوس مع "إسرائيل" والتطبيع معها، هذا الذي يدعي أنه صاحب علم وفكر يأخذ معلوماته من صغار نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ويتحدث كطفل مناكف لا أكثر ولا يجدر الرد عليه لأنه لم يسمع بحروب ثلاث انتصرت فيها المقاومة الفلسطينية وما زالت غزة محاصرة بسبب ثباتها، وكذلك لا يجدر الرد عليه لأنه هو المتهم ولسنا نحن، هو في السودان ويريد أن يخطب ود المحتل الإسرائيلي ولسنا نحن، هو يعلن عن عمالته بكل وقاحة ليصل إلى سدة الحكم في السودان كأي رخيص يتنازل عن مبادئه ويخون شعبه فقط من أجل تحقيق إنجازات سياسية وضيعة.