لم يمضِ سوى أربعة أشهر على الإفراج عن المهندس علاء الأعرج من سجون الاحتلال الإسرائيلي، لتقتحم أجهزة أمن السلطة، ليلة أمس منزله في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، لاعتقاله.
ولحسن الحظ لم يكن الأعرج (35 عامًا) وقتها متواجدًا في منزله، فقبيل لحظات غادره لجلب احتياجات لأسرته التي أصيبت بالهلع من القوة المقتحمة.
وأفرجت سلطات الاحتلال في 8 أغسطس/ آب الماضي عن الأعرج، بعد اعتقال استمر 14 شهرًا في سجونها، خاض خلالها إضرابًا مفتوحًا عن الطعام دام 103 أيام على التوالي.
ونجا الأعرج بأعجوبة من الاعتقال على يد قوة من جهاز الأمن الوقائي، فمجرد أن غادر منزله ليلة أمس لجلب احتياجات أسرته، ألقى التحية على عناصر القوة التي لم تعرفه ولم يعلم أنه المستهدف منها إلا عند عودته، ليكتشف أنه المطلوب، ثم غادر المكان.
وأوضح الأعرج أن الهدف من محاولة اعتقاله فجر أمس، كان لإبقائه محتجزًا يومي الإجازة؛ الجمعة والسبت، دون عرضه على النيابة، مستغربا من اقتحام منزله لاعتقاله.
وتساءل الأعرج بغضب: "ألا تكفي الثمانية أعوام ونصف العام من الاعتقال لدى الاحتلال وعامين في سجون السلطة، ألا يكفي أني متزوج منذ 9 سنوات ولم ألتقِ بزوجتي إلا 3 سنوات وابني البالغ من العمر 7 سنوات لم أعش معه سوى 20 شهرًا؟".
ولفت إلى قطع السلطة الكهرباء عن منطقته بالتزامن مع الإفراج عنه من سجون الاحتلال؛ في محاولة منها لمنعه وعائلته من الاحتفاء بتحرره وانتصاره على السجان.
تنسيق أمني
وذكر الأعرج أن قوات الاحتلال استدعته قبل ثلاثة أيام في مركز توقيف "حوارة"، وتفاجأ ضباط الاحتلال من عدم اعتقاله حتى اللحظة في سجون السلطة، ليُفاجأ بعدها بقوات الأمن الوقائي تداهم بيته.
وانتقد دور الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر في متابعة ما يجري بالضفة الغربية من اعتقالات سياسية.
وهدد الأعرج بالإضراب المفتوح عن الطعام والماء إذا اعتقلته أجهزة أمن السلطة التي أمضى عامين في سجونها، وأضرب فيها 23 يومًا عن الطعام.
والأعرج؛ أسير سابق تعرض للاعتقال الإداري عدة مرات منذ عام 2007، ووصل مجموع سنوات اعتقاله ثمانية أعوام ونصف العام بشكل متفرق، وفقد خلالها والده، كما أبصر نجله "محمد" النور وهو رهن الاعتقال الإداري.
تضامن واسع
وأبدى عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تضامنهم مع المهندس "الأعرج"، واستيائهم من ملاحقته، ونشروا مقطع فيديو له وهو يتحدث عن محاولة أمن السلطة اعتقاله، وصورًا له ولافتات تدعو للتضامن معه.
وغردت هبة النتشة على تويتر: "يا حيف، السلطة تلاحق الأسير المحرر والمختطف السياسي السابق الأعرج، الذي خاض إضرابًا أسطوريًّا عن الطعام لأكثر من 100 يوم في سجون الاحتلال".
وكتب المحامي فارس أبو الحسن: "فعلًا عيب!!، كنت محاميًا له في سجون الاحتلال في عدة اعتقالات وكان صلبًا عنيدًا يدافع عن الحق ولا يخشى لومة لائم ولا لئيم، مثقفًا واعيًا وحدويًا قبلته الوطن".
وغرد الدكتور عصام أبو سنينة على "فيسبوك": "عندما يكون الظلم من أناس من بني جلدتك تكون المرارة أكبر، حفظك الله يا علاء، وصرف عنك كيد الفجار والأشرار وطوارق الليل والنهار".
وقالت سارة سويلم: "ما زالت أجهزة السلطة تمارس أقبح الأفعال بحق شباب فلسطين الكرام، فالأسير المحرر الأعرج، وقف كالجبال أمام الاحتلال الظالم حين كان مطاردًا ثم أسيرًا ثم مضربًا عن الطعام".
وقالت الناشطة في حقوق الإنسان سهى جبارة: إن حالة الحريات في الضفة الغربية تكاد تكون معدومة، مؤكدة أن أمن السلطة يواصل انتهاكاته الجسيمة والمخالفة للقانون بشكل ملحوظ.
وأضافت جبارة لصحيفة "فلسطين" أن أجهزة أمن السلطة تواصل تنفيذ حملة الاستدعاءات والاعتقالات بحق نشطاء وطلبة جامعيين محسوبين على حركة حماس، للحيلولة دون إقامة فعاليات الانطلاقة الـ35.
وتابعت: نحن بين مطرقتين؛ الاحتلال من ناحية والسلطة من ناحية أخرى، داعية الكل الفلسطيني للتوحد لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري التي تمارسها السلطة جهارًا نهارًا على مرأى الجميع ودون رادع.