هل ثَم تحولات ذات مغزى في السياسات العربية على المستوى الدولي بقيادة دول منطقة الخليج الغنية، التي تمتلك آفاقًا واسعةً للاستثمار الاقتصادي والتنمية؟ هذا سؤالٌ مركزي في قراءة القمة الخليجية الصينية في الرياض. قمة الرياض بقيادة المملكة هي القمة الأولى مع الصينِ الدولةِ الأشدِّ منافسةً للاقتصاد الأمريكي والغربي.
ثَم من يهتم في قراءته للبيان الختامي لهذه القمة بالبعد الاقتصادي، وآفاق الاستثمار والتنمية، وقضايا المناخ، وأود هنا أن أهتم بالبُعد السياسي، وفي نقطتين وردتا في البيان جليًّا، الأولى: أنَّ الصين تؤيد الموقف العربي من مركزية القضية الفلسطينية للعرب، وتدعم حلَّ الدولتين، وتدعم عضوية فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة، وتدعم المبادرة العربية.
الموقف الصيني هذا جيدٌ، وربما يريح قيادات دول الخليج، ويلقى ترحيبًا من السلطة الفلسطينية، التي تعيش أزماتٍ متعددة ذات علاقة بأمريكا من ناحية، وبـ(إسرائيل) من ناحية أخرى، ولكن يبقى الموقف الصيني في حاجة إلى تطوير باتجاه الأبعاد العملية، والإجرائية.
والنقطة الثانية: ولعلها مركز اهتمام الصين الأول، والمنافس للاهتمام الاقتصادي، وأعني بها إقرار دول القمة على وحدة الأراضي الصينية، والإقرار بأن تايوان هي جزءٌ من الصين، وهذا الموقف السياسي الجلي يتعارض مع العلاقات الخليجية الأمريكية، فأمريكا لا تُقر بذلك، ولديها تحالف إستراتيجي مع تايوان يشمل أبعادًا عسكريةً وأمنية، وسياسية، واقتصادية.
ومن المعلوم أنّ دول الخليج لديها شراكة إستراتيجية مع أمريكا، بأبعادٍ أمنية وسياسية وعسكرية فضلًا عن الأبعاد الاقتصادية، فهل قررت دول الخليج التقارب مع الصين على حساب أمريكا، أم هي تودُّ الجمع بين القطبين، والاستفادة منهما في لعبة المصالح، ومن ثَم رفع ثمن ورقة العرب والخليج في العلاقة مع أمريكا، ولا سيما بعد الموقف الأمريكي من المملكة واعتراضها على سياسة أوبك النفطية؟
الإفتاء في هذه القضية ما زال عملًا مبكرًا، وما زلنا في حاجة لمتابعة الإجراءات، وهل هي تحولات ذات مغزى وتحولات قابلة للتطور بحسب مقتضيات رؤية متكاملة، أم هي جزء من ردودِ أفعال على المواقف الأمريكية التي لم ترقْ لقادة الخليج؟ البداية الجديدة في قمة الرياض أصبحت معلومة، وهي قيد الدراسة، ولكن هل تشهد العلاقات تحولات مستمرة، لتُنهي حقبة ماضية كانت قبل قمة الرياض تتسم بالشك والبعد عن الشرق؟