يضرب كفًّا بكف، ويندب حظه العاثر، وهو يرى جرافات وشاحنات المستوطنين تُجرف أرضه، ثم تجمع أكوام من التربة وتحملها في شاحنات، قبل نقلها إلى مستوطنة "أريئيل"، قرب سلفيت، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
يرمق المزارع جمال الرمال جرافات الاحتلال بنظرات حادة، وهي التي تقوم بفرز الأتربة الحمراء الصالحة للزراعة، وفصلها عن التربة المخلوطة بالحجارة، ومن ثم استخدمها في حدائق المستوطنين.
اقرأ أيضاً: وقفة في سلوان رفضًا لتحويل الاحتلال أراضي وادي الربابة لحدائق "توراتية"
ما جرى مع المزارع "الرمال" يجري أيضا في أرض تابعة لوزارة الأوقاف الإسلامية في منطقة عزبة "أبو جايد"، جنوب قرية حارس، إذ التوسع الاستيطاني لا يتوقف لبناء المزيد من المصانع الضخمة في ما يسمى بمنطقة "أريئيل الصناعية".
يقول: "عشرات الدونمات أملكها في منطقة رأس قرة، إلا أن الجرافات التابعة للمستوطنين كل يوم تقترب منها وتجرف جزءًا، ويقومون بفرز التربة ومصادرتها دون إخطارات".
وبحسب مزارعي سلفيت وكفل حارس فإن أكوامًا ضخمة من الأتربة يتم تجميعها في مستوطنة "أريئيل" ومنطقتها الصناعية، وبقية المستوطنات، منها ما يستخدم في أرصفة الشوارع، والجيد منها يستخدم في زراعة الحدائق المنزلية للمستوطنين، وبعض أنواع الأتربة غير الجيدة تستخدم في رصف شوارع وبنى تحتية للمستوطنات.
وتقول المزارعة أسماء بلاسمة من سلفيت: إن منطقة مصانع "أريئيل" كانت تزرعها بالسمسم والقمح والحمص، إلا أن جرافات المستوطنين جرفت أخصب الأراضي الواقعة شمال عزبة "أبو البصل"، وهي أراضٍ جزء منها ملك الأوقاف الإسلامية، وجزء آخر ملك لعائلة اشتية.
وأشارت بلاسمة إلى أن مصنعًا ضخمًا للحلويات أقيم فوق أراضي المواطنين في عزبة "أبو البصل"، وهناك تجريف لإقامة المزيد من المصانع والتي يتم خلال عمليات البناء الاستيطاني ومصادرة التربة.
لا تصلح للزراعة
ويشير مسؤول الصحة والبيئة في بلدية سلفيت أشرف زهد إلى أن ما يجري من مصادرة الأتربة يؤثر سلبًا على الأراضي، إذ باتت لا تصلح للزراعة، وهو ما يخل بالتوازن البيئي في محافظة سلفيت، عدا عن سكب المجاري بالأودية وتلويث المصانع للبيئة في سلفيت وبقية مناطق الضفة الغربية.
وبحسب الناشط ضد الاستيطان نظمي سليمان، فإن سلطات الاحتلال أعلنت نيتها مصادرة أراضٍ شاسعة لإقامة طريق واصل بين مستوطنة "أريئل" ومنطقتها الصناعية بعرض 30 مترا، وهو ما يعني مصادرة وتجريف المزيد من الأراضي.
وأشار سلمان إلى منطقة واد قانا بين سلفيت وقلقيلية تتعرض منذ سنوات لحملة شرسة من اقتلاع الأشجار وشق الطرق الاستيطانية، ومصادرة التربة.
اقرأ أيضاً: "الحدائق التوراتية".. مشاريع استيطانية لخنق البلدة القديمة وتهويد القدس
وشدد على أن سياسة الاحتلال تتناقض في قراراتها، ففي الوقت الذي تدعي ما تسمى بـ"سلطة حماية الطبيعة" الإسرائيلية أن قراراتها للمحافظة على المكان ورفض إحداث أي تعديلات عليه، تواصل جرف قمم الجبال المطلة على الواد، من أجل بناء المزيد من الوحدات السكنية في المستوطنات السبع التي تعلوها، ومن ثم تجريف التربة الخصبة ومصادرتها وأحيانًا بيعها لمقاولي بناء.