قبل ستةسنوات، وتحديدًا في صيف عام 2010، أنصت عشاق كرة القدم، في قطاع غزة، لصوت طفل صغير هاوٍ يُعلّق عبر إحدى الإذاعات المحلية على مباريات كأس العالم المقامة في جنوب إفريقيا آنذاك.
اليوم يجلس هشام معمر، الطفل الذي كان يبلغ من العمر حينها 11 عامًا، على كرسي متواضع، أمام مدرجات ممتلئة بالجماهير، ليعلّق باحتراف على مباريات بطولة دوري غزة لكرة القدم.
معمر بدت حنجرته بعد ستة أعوام، وكأنها أكثر قوة وخبرة، في النبرة والأداء، وهو ما دفعه لأن يحلم أن يكون معلقًا في أول "مونديال" يقام ببلد عربي.
بثقة في صوته وجرأته على الظهور في المحافل الدولية يقول معمر "هذا ليس حلمًا، أنا أريد أن أكون في قطر بعد ستة سنوات من الآن".
وتستضيف قطر بطولة كأس العالم عام 2022، في أول مونديال ينظم ببلد عربي وفي منطقة الشرق الأوسط.
الشاب معمر يقول إنه أصغر معلق في الوطن العربي، من خلال تعليقه على مباريات كاملة ورسمية، ينظمها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
يُردد معمر كثيرًا مقولة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، التي قال فيها: "قف على ناصية الحُلم وقاتل".
ويقاتل هو بصوته على أرضية الملاعب المنتشرة في قطاع غزة، كي يصبح واحدًا من أشهر المعلقين في العالم، وسفيرًا لرياضة بلاده في المحافل الدولية كما يقول.
ومنذ نعومة أظفاره، بدأ معمر في تقليد المعلقين المشهورين في العالم العربي، إلى جانب شغفه الكبير بكرة القدم.
وأثار معمر في صغره إعجاب الكثيرين، ما دفع بإذاعة "فرسان الإرادة"، عام 2010 منحه الفرصة للتعليق على مباريات كأس العالم بجنوب إفريقيا.
عن تجربته حول ذلك يقول معمر "لقد كانت فرصة حقيقية لإظهاري، لم أكن متمرسًا وقتها في التعليق، كنت أفتقد للخبرة، اليوم وبعد كل هذه الأعوام، بدأت أتقن فن التعليق، وأجيد التعليق على مباريات كرة القدم المحلية والدولية".
يعمل معمر الآن معلقًا في قناة "أمواج الرياضية"، القناة الأولى المتخصصة في الرياضة في قطاع غزة.
وفي ثلاثة أيام على مدار كل أسبوع يعلق معمر على مباريات الدوري الممتاز، واصفًا الأمر بـ"المثير".
ويضيف: "يومًا بعد آخر، أجيد فن التعليق، وأحاول أن أكون ملمًا بكافة الجوانب الفنية والمصطلحات الرياضية".
معمر الذي بدأ الدراسة كطالب في قسم الإعلام والاتصال الجماهيري في جامعة الأزهر بغزة، يتمنى أن يحترف ضمن كوكبة المعلقين المشهورين في القنوات الرياضية العربية.
وعن مثله الأعلى في التعليق يضيف: "أحب الاستماع لكثير من المعلقين، وأستفيد منهم ولكن الأقرب لقلبي، الإماراتي فارس عوض والتونسي عصام الشوالي والمصري أحمد الطيب".
وفي قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا، تعترض معمر الكثير من العقبات، في مقدمتها عدم توفير البيئة المناسبة للتعليق".
وتعليقه في وسط مكشوف أمام المدرجات، عرضه لكثير من المواقف الطريفة والصعبة معًا، إذ اصطدمت ذات مرة الكرة في رأسه أثناء تعليقه على إحدى المباريات، أو اضطراره لحمل مظلة أثناء هطول المطر، كي يكمل التعليق على مجريات اللقاء.
يتابع المعلق الغزاوي الشغوف بمعشوقته المستديرة: "لا يوجد غرف خاصة للتعليق ولا شاشات ولا تتوفر الإمكانيات اللازمة للمعلق، سواء كأماكن أو معدات".
ويتهم مسؤولون رياضيون فلسطينيون، سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعرقلة الأنشطة الرياضية في قطاع غزة، إلى جانب استهداف الملاعب والأندية.
ويوجد في غزة 5 ملاعب رئيسية تعرضت خلال الحروب المتكررة الإسرائيلية (3 حروب خلال 6 سنوات) للتدمير والأضرار الجسيمة.
وخلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف 2014، دمرت (إسرائيل) 30 منشأة رياضية (ملاعب، أندية، وصالات رياضية) بشكل كلي، وفق وزارة الشؤون والرياضة الفلسطينية.