عد مراسل صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هرئيل، أن المعطيات التي يقدمها جيش الاحتلال حول تصاعد العمليات العسكرية الفلسطينية بأنها رسالة للحكومة المقبلة بأن الوضع الأمني هش تمامًا، ويزداد سوءًا، وأن سيطرة السلطة "الفلسطينية" تضعف كل يوم، وأن تصاعد الهجمات بدأ على نحو مُقلق وهناك مخاوف لدى الجيش من انفجار شامل.
ويضيف هرئيل، أن رئيس الأركان أفيف كوخافي، ومن خَلفِهِ هرتسي هاليفي الذي سيتولى هذا المنصب خلال شهر ونصف، أن نطاق الهجمات هو الأعلى على الإطلاق منذ موجة الهجمات في شتاء 2015-2016 للطعن والدهس، وأن قادة السلطة منشغلون ويستعدون من أجل معركة خلافة زعيمهم المُسِنّ محمود عباس، ورغم تداعي قدرات السلطة في السيطرة، فإن التعاون الأمني مع الجيش لا يزال يعمل بشكل جيد بل تزداد وتائرهُ ولكن الميدان ينذر بتطورات خطيرة وعلى حكومة نتنياهو السادسة أن تضعها في أولوياتها.
وتشير أوساط العدو الأمنية إلى أن عمل المقاومة سيتصاعد بدءًا من الهجمات الاستشهادية، والطعن والدهس إلى استخدام الأسلحة النارية الرشاشة، وأن هذا سيفرض المخاوف الحقيقية من نتائج سَتَحصُد القتلى، فالأسلحة تنتشر على نحو واسع رغم كل جهود سلطة عباس، وحملة أجهزة أمن العدو التي تُنَفَّذُ لسنواتٍ عدة لمواجهة التهريب والتصنيع. كما أن جيش الاحتلال يرى أن وتائر التصاعد وما يحصُدُهُ من قتلى صهاينة من العسكريين والمستوطنين، سيضرُّ كذلك وبشكل جسيم بالتدريبات المُعَدة للجيش واستعداداته للحروب المحتملة على عدة جبهات، وكذلك فإنه يدفع لتوجيه وحدات كثيرة من القوات النظامية إلى الضفة ومناطق التماس معها وفي مواجهة قطاع غزة، وسوف يفرض أيضًا دعوة غير مخططة لخدمة عشرات الكتائب الاحتياطية وخلافًا لِخُططِ هيئة الأركان العامة بتخفيف العِبء الأمني على الجنود لتهيئتهم للمهام القتالية في الحروب، وبكل عواقب ذلك النفسية والاجتماعية والاقتصادية والمعنوية.
إن ما يجري على أرض الضفة الباسلة، وكما تؤكد الأحداث التي نَشهد الآن، صراع طويل الأمد لحرب الشعب التي ينخرط في أتونها شعبنا الفلسطيني المرابط الصامد ستستنزف عديد وعدة الجيش وجاهزيته القتالية وستفاقم خلافات أركانه السياسية والأيديولوجية، وستفرض التفكك التدريجي لسلطة التخابر الأمني مع العدو النازي.
وتقول بعض الأوساط الصهيونية التي أصبحت في معسكر المعارضة، إن انتفاضة الشعب، ووحدته الميدانية الصُّلبة تتطلب إدارة "حكيمة وحذرة" لمعدلات استخدام القوة، ولكن هيهات أن يكون ذلك جزءًا من حسابات "المُجمع الحاكم" الفاشي والموغل في التطرف لنتنياهو وابن غفير وسموتريتش ودرعي.
وفي غَمْرة الاستعدادات لِعرض حكومة العنصرين، وبعد التوصل لاتفاقات مع ابن غفير وحزبه "العظمة اليهودية"، ومنذ يومين بعد الإعلان صباح الثلاثاء 29 تشرين الثاني 2022 عن استكمال الاتفاق بين حزب "الليكود" وحزب "الصهيونية الدينية" بقيادة الفاشي بتسساليئيل سموتريتش، الذي يقول –معاذ الله- أن "الإسلام دين إرهاب"، فقد فتح ذلك الباب على مصراعيه للبحث عن كل المخارج الممكنة لمواجهة تسونامي المقاومة العارمة في ضفة يعبد القسام.
تقول أجهزة أمن العدو إنها أكبر وأخطر من انتفاضة ثالثة، وأن أهم أولويات نتنياهو الذي بات على قناعة تامة -كما يقول التلفزيون الرسمي "كان"- بأن سلطة عباس تنهار، وأنها بحاجة ماسة وعاجلة لعملية إنقاذ شاملة، بل وتقول أجهزة أمن العدو، مُحَذرةً أن عباس أنهى عمليًا دوره، وأن أجهزة أمنه باتت ضعيفةً جدًا، ورغم عملها ليلًا ونهارًا، فهي لم تعد قادرة على فرض الأمن وتوفير الأمان لجيش الاحتلال والمستوطنين.
ويُشارُ إلى أن رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار يجتمع مرارًا مع رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو ويُطلعه تِباعًا على آخر التطورات، وأن التهديد المركزي الذي يواجه الكيان الاستيطاني في هذه الفترة بالذات هو تسارع ضعف السلطة وحصار الشعب لها ولأجهزتها الأمنية والتصعيد المقاوم والدعم الذي لا حد له لحاضنتها الشعبية.
أما القناة 13 العبرية، فقد نقلت عن مصادر واسعة الاطلاع أن واشنطن وَجَّهت رسالة حادَّةً لصناع القرار في (تل أبيب) أبلغتهم فيها أنها تخشى وعلى نحو عميق جدًا على مصير السلطة الفلسطينية، وطالبت نتنياهو بالعمل السريع على منع الانزلاق الخطير في وظيفة السلطة الأمنية، وعلى امتداد ذلك كان الرئيس السابق لـ"الشاباك" عامي أيالون قد أكد أن الأوضاع في فلسطين المحتلة متجهة نحو "تصعيد أمنى خطير ومهم جدًا، يتجاوز أن يكون انتفاضة، بل أكبر وأكثر حِدَّةً، وسيوقع قتلى ومصابين كُثُرًا في صفوف الصهاينة".
وردًا على سؤال، هل سيكون هناك تصعيد قال: "نحن وَسَط التصعيد، بل ذاهبون إلى تطورات خطيرة جدًا"، ويتابع أيالون: "الناس ستموت، الناس سَتُصاب ولا يمكن توقع العدد، نحن ذاهبون إلى هناك، هذا سيحصُل لأن الطاقة موجودة، يُغذيها الفقر واليأس، وأضيف الافتقار الكامل للقيادة"!
ويختم أيالون "قيادة السلطة دُمِرّت بالكامل، ولا أرى أن سياسة (تل أبيب) اليوم، وكما أتوقعها على المدى القريب، بأن تكون -وعلى الإطلاق- قيادة مكبوحة، بل إن العناصر الدينية القومية تزداد قوة".
ولكن عباس، ورغم تهالُكِهِ، لم يزل سادرًا في غيِّه، ومُصِرًّا على تمكين العدو من أي قطرة دم يطالها من أبناء شعبنا المنتفض على جلاديه.
وقد ذكرت القناة 12 العبرية أن عباس اجتمع مؤخرًا مع "كبار" قادة أجهزته الأمنية وطالبهم بالعمل على استعادة السيطرة الأمنية في منطقتي نابلس وجنين، وإيجاد حل ما لتصفية "الجماعات المسلحة" التي ازدادت قوتها.
وقد أشار مراسل الشؤون الفلسطينية في قناة "كان" العبرية أليؤور ليفي أن أجهزة عباس الأمنية ضبطت عبوات ناسفة وكميات كبيرة من المتفجرات في جنين مُعَدَّة للاستخدام ضد قوات الاحتلال.
وأضاف ليفي أن السلطة عثرت على معمل يحتوي على 5 عبوات شديدة الانفجار، وكميات كبيرة من المتفجرات وقنابل يدوية في كل من جنين وطوباس، وقد تم اعتقال العديد من النشطاء الفلسطينين خلال المداهمات.
وخلال الــــ24 ساعة الماضية قضى 5 شهداء، ومع ارتقاء هؤلاء الفرسان فإن الحاضنة الشعبية تزداد التفافًا حول مقاومتها الباسلة، في الوقت الذي تُعلن فيه فصائل المقاومة أنها وشعبها سيصدون جرائم العدو إلى نَحره، أيًا كانت طبيعة حكوماته، وأن حالة الاشتباك ستبقى ما بقى الاحتلال حتى دحره عن كل ذرة من تراب الوطن الطهور.