فلسطين أون لاين

تقرير نساء غزة يستمتعن بمباريات المونديال وأخريات كارهات

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني – مريم الشوبكي:

يشهد كأس العالم لكرة القدم في هذه النسخة متابعة نسائية كبيرة في غزة، إذْ تتسمر الكثير من النساء حول شاشات التلفزة والهواتف النقالة لحضور المونديال الذي يُعقد لأول مرة في أرض عربية، ما زاد شغفهن بمتابعة المباريات ولتشجيع الفرق العربية و"اللعب الحلو"، وفي المقابل هناك أخريات متأففات ينتظرن مضي الـ28 يومًا على أحر من الجمر.

تقول إسراء الغول إنها تتابع المونديال لأول مرة في حياتها، حيث جذبتها الأجواء العامة والاهتمام الغزي الكبير بالمونديال؛ "ما جعلني أجرب أن أشاهد المباريات لأول مرة، ووجدتني أنسجم معها رغم عدم إلمامي بقوانينها".

وتشجع الغول "29 عاما" المنتخبات العربية خاصة "تونس" التي يربطها بها حنين خاص حيث وُلدت هناك، معربة عن سعادتها بالتعرف على عالم الساحرة المستديرة للمرة الأولى، وبتنظيم عربي مميز.

أما صابرين العابد تقول أن اهتماماتها الكروية منذ صغرها كان لأشقائي الثلاثة "استُشهدوا لاحقاً" اهتمامات كروية بالأخص لكأس العالم جعلتني أنجذب معهم لهذه الرياضة، وأتابع معهم بكل شغف حتى أضحى لي إلمام بقوانين اللعبة".

وتضيف العابد "30 عاما": "واظبتُ على حضور مباريات كرة القدم حتى بعد استشهاد أشقائي، وما يشكُل عليّ من معلومات ألجأ لشبكة الإنترنت لفهمه، وأحاول أن أزرع في قلب ابني حب هذه اللعبة التي أتمنى أن يحترفها وأن يكون رياضياً كأخواله الشهداء".

"اللعب الحلو"

في حين تحب الشابة صبحية عبد الجواد متابعة كرة القدم بشكل عام حيث كانت عائلتها قبل زواجها تجتمع دائماً في المباريات المهمة واستمر معها هذا الشغف لبعد الزواج وإنجاب طفليْن.

ولا تشجع صبحية "35 عاماً" فريقاً بعينه لكنها تحب "اللعب الحلو" وأي فريق يكون أداؤه رائعاً تشجعه تلقائياً وهذا ما يجعلها تفضل فريق "ريال مدريد".

وانتظرت عبد الجواد "مونديال قطر" لهذا العام بشغف، حيث تواظب على مشاهدة مبارياته، "أنا غير متعصبة لفريقٍ ما، لكنني أحببتُ طريقة أداء البرازيل والبرتغال، ما يهمني المتعة في المشاهدة بغض النظر عن النتيجة".

بينما فرضت المتابعة الكروية الحثيثة التي يقوم بها زوجها على شيرين أبو حجاج أنْ تنشد لهذه اللعبة التي لم تتابعها من قبل.

وتشير إلى أن زوجها يتابع العديد من الأندية والمباريات الدولية المهمة، ويقضي أغلب وقته في المنزل في ذلك، "ما جعلني أُضطر لحضور بعض تلك المباريات وفهم بعض من قواعدها".

كارهات للكرة

وفي مقابل الشغوفات بالكرة ثمة أخريات يعشن حالة من التململ والتأفف، ويكون وقت بث المباريات فتيلًا لمناوشات زوجية، بسبب أسئلة يعتبرها الزوج "تافهة وفي غير وقاتها وتثير الغضب" أمام رغبته بـ90 دقيقة من التركيز على ما يدور في المباريات بهدوء.

هناء حداد واحدة من تلك الزوجات التي يلذن بالصمت وقت بث المباريات لـ"تريح دماغها"، وتفاديا للصدام مع زوجها "الكروي المتعصب".

تقول السيدة الثلاثينية: "متابعة كرة القدم بالنسبة لزوجي أمر مقدس للغاية، لا يحب أن يرافقه ضجيج من أطفالنا، ويشتاط غضبًا إذا سألته أي سؤال في المباراة، أو عن الفريقين".

وتتابع الحداد: "أفضل التزام الهدوء، أنسحب من الغرفة بهدوء، وأمضي الوقت في تصفح هاتفي، أو المذاكرة للأطفال، أو صنع قالب من الكيك، أو بعض الحلويات لإشغال نفسي".

ترفيه وتخلص من الضغوطات

أما تهاني أبو جراد فتقول إنها لا تنشد لمتابعة مباريات كرة القدم، لأنها بالنسبة لها "أمر تافه" أن يركض 21 لاعبًا خلف كرة لمدة ساعتين، "لا تجد أي متعة في ذلك".

لكنها في الوقت نفسه تنصف الرجال بأحقيتهم في الترفيه عن أنفسهم، وفرصة للخروج من ضغوطات الحياة الصعبة في قطاع غزة.

وتمضي أبو جراد "32 عامًا" إلى القول: "في بعض الأحيان، النساء لا يستوعبن حاجة الرجال الماسة لهذه المساحة، ويصممن على تعكير هذه اللحظات، وتبدأ بمناقشة موضوع ما فجأة دون سابق إنذار، وتقطع لحظات اندماج زوجها في المباراة، مما يثير المشاكل بينهما".

وتتابع: "لكني وبكل صراحة أشعر بالهدوء إذا خرج لمتابعتها مع أخي وأصدقائه في إحدى المقاهي على شاطئ البحر كما يفضل".

وتشير إلى أن خروجه من البيت لا يزعجها، بل على العكس تمامًا تدفعه دفعًا لذلك "حتى أرتاح من ضجيجه وصراخه طيلة وقت المباراة وبعدها أيضًا إذا خسر الفريق الذي يشجعه".

كروي متعصب

ويتحول بيت فاطمة بارود إلى مقهى وقت إذاعة مباريات كأس العالم، حيث تُفتح شهية زوجها، الذي يبتاع المكسرات، والمسليات قبل المباراة، وهي عليها أن تصنع طبقًا من الحلويات لكي يستمتع بتناوله في أثناء بث المباراة.

تقول بارود (40 عامًا): "لست من محبات كرة القدم ولكني حفظت أسماء اللاعبين من زوجي وأطفالي الذين انتقلت إليهم العدوى، في إحدى المرات سألته لماذا لا يلعب برشلونة في كأس العالم جن جنونه وضحك ساخرًا من سؤالي".

وتردف: "ومن وقتها إذا رغبت متابعة أي مباراة أبقى صامتة فإذا انتهت بفوز الفريق الذي يشجعه أتحدث معه، أما إذا خسر أنسحب بهدوء حتى لا تندلع الحرب العالمية بيننا، فهو كروي متعصب للغاية".

وتتابع بارود: "أستغل وقت المباريات لزيارة صديقاتي أو أهلي، فهو الوقت المناسب الذي لا يرفض لي فيه طلبًا بشرط اصطحاب أطفالي معي، لكي يشاهد المباريات بهدوء تام".

تقبلي اهتمامه

من جهتها تقول الاختصاصية النفسية الاجتماعية إكرام السعايدة: "هناك فروق بين اهتمامات الرجال، والنساء حيث في الغالب ينشد الرجال لكرة القدم بخلاف النساء، فبعضهم يضطر إلى إلغاء التزاماته لمتابعة كأس العالم".

وتوضح أن الاختلاف فطرة بشرية لذا يجب تقبل الاختلافات من قبل الشريكين، من خلال توفير مساحة كافية للزوج لمتابعة اهتماماته في كرة القدم، مع التحلي بالصبر والهدوء في أثناء المباراة، والتوقف عن طلب أي شيء.

وتنصح السعايدة الزوجات اللاتي ليس لديهن ميول لكرة القدم، بإيجاد أنشطة مشتركة بين أفراد الأسرة الواحدة لقضاء وقت ممتع معهم لزيادة العلاقة العاطفية بينهم.

كما تنصح السيدات غير الشغوفات بالكرة باتباع نظام المقايضة مع الزوج، كأن تتركه في البيت يستمتع بمشاهدة مبارياته، على أن يسمح لها بزيارة أهلها أو الخروج مع صديقاتها، أو قضاء وقت ماتع مع أطفالها في منتزه أو في مطعم.